توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الميدان» والشعار الديني بين مصر ولبنان

  مصر اليوم -

«الميدان» والشعار الديني بين مصر ولبنان

مصر اليوم

يختلط الزهو بالخجل من الذات وأنت تتابع ـ كمواطن لبناني ـ المشهد الديموقراطي الفريد في بابه، عربياً على الأقل، والنادر حدوثه دولياً، الذي قدّمه شعب مصر طوال نهار أمس وليله.. لقد تجاوز المصريون انقسامهم السياسي الحاد الذي عكسته «الميادين» بملايينها المتواجهة عبرها، وأكدوا إيمانهم العميق بالديموقراطية وحق الاختلاف في الرأي وفي تصوّر الغد الأفضل إلى حد مطالبة الجمهور الأعرض بإسقاط النظام، بينما حشد «الإسلاميين» من حماة النظام يشد أزره ويحرّضه على مواصلة الحكم بالحزب الواحد، الذي يتأكد يومياً أنه آت من خارج العصر وبما يهدّد مصر في حاضرها ومستقبلها. أمس سقطت، مرة أخرى وأمام عيوننا، أساطير الادّعاءات برقي اللبنانيين وإيمانهم العميق بالديموقراطية وتعلّقهم بالحرية ونبذهم لسرطان الطائفية، فضلاً عن المذهبية التي تحكم مواقفهم بقدر ما تحدد «حقوقهم» على وطنهم الصغير وفيه ودولته المشلولة بطغيان الطبقة السياسية المزوّدة بالسلاح الطائفي ـ المذهبي الفتّاك. نزل شعب مصر إلى الميدان، مؤكداً وحدته الوطنية، منادياً بسقوط الحكم المدجج بالشعار الإسلامي، مؤكداً أن الوطن وشعبه في خطر، وليس الدين الحنيف مهدداً بملايين الملايين من المواطنين الذين أكدوا أن «حب الوطن من الإيمان»، وأن الإسلام يحضّهم على الخروج على الحاكم الظالم الذي لن تحميه الطقوس والشكليات التي يلجأ إليها قادة الإخوان لتأكيد إسلامهم كذريعة للتفرد بالسلطة والتحكّم بمصير الشعب الذي أسقط الطغيان أول مرة وها هو يؤكد إصراره على إسقاط بديله الذي اختطف السلطة، متجاوزاً «الميدان»، ثم شرعن تفرّده بها بدستور أشوه أقر في استفتاء مطعون بنزاهته. أما نحن في لبنان فنعيش حالة اضطراب خطيرة تتلبّس لبوس الصراع الطوائفي والمذهبي في حين أنها بجوهرها سياسية، وبين محركاتها أغراض لدول تعتبر أن التوظيف في مثل هذا الصراع يحقق لها أغراضها على حساب وحدة اللبنانيين وأمنهم وأرزاقهم ومنعة دولتهم التي يشلها الانقسام والضغوط المذهّبة ويهددها بالاندثار. لقد تهاوت مناعة اللبنانيين حتى باتت تكفي خطبة لرجل دين أرعن أو متطلع إلى السلطة متخذاً من إثارة المشاعر الطائفية أو المذهبية سُلَّماً، لاهتزاز أمن البلاد بالخوف من الفتنة، واستنزاف الجيش في مواجهة «أبطالها» الذين طالما رعتهم وشجعتهم وحمت «مقراتهم» الطبقة السياسية ذاتها، حتى باتت هذه المقرات ثكنات ومربعات أمنية خارجة على السلطة الشرعية وإن بقي حماتها أهل هذه السلطة وأركانها. في القاهرة والإسكندرية والمحلة والسويس وأنحاء الصعيد والوجه البحري والوجه القبلي، نزلت الجماهير المتعارضة في شعاراتها السياسية، المتناقضة في أهدافها من التحرك، لأن الأكثرية تجاهر بالعمل لإسقاط «الرئيس» الإخواني في حين يواجه حزب السلطة ذات الشعار الإسلامي المعارضة عبر التسلّح بشرعية الحكم الفئوي، الذي ثبت أنه لا يعبّر عن روح مصر ولا يملك برنامجاً للنهوض بها، والذي يصر على الانفراد بالسلطة برغم ثبوت فشله فيها، داخلياً وعربياً ودولياً... برغم هذا الانقسام الحاد الذي جعل شعب مصر معسكرين متواجهين لم نسمع من أي من الطرفين اتهاماً لخصمه بالخروج من الدين وعليه لتكون فتنة، أو بالخيانة للوطن والتحاقه بالخارج لإدانة المعارضة في وطنيتها. وبرغم نزول الملايين إلى الميادين في مختلف أنحاء مصر لم نسمع اتهامات تكفيرية لمن يعارض الحكم الإسلامي القائم، أي أكثرية المصريين، وانحصرت «المبارزة» في إدانة فئوية السلطة ودكتاتوريتها وعجزها عن إدارة الشأن الوطني بما يحقق مطامح المصريين المشروعة إلى الحرية واستقلال قرار الدولة وامتناعه على الارتهان للنفطيين من الحكّام العرب كما لمقتضيات المصالح الأميركية وفي طليعتها أمن إسرائيل حتى وهي تلتهم ما تبقى من أراضي الفلسطينيين بينما «سلطاتهما» تتعارك خارج الميدان الفعلي للصراع. وبديهي أن ما يحدث في مصر يعكس نفسه على المنطقة العربية جميعاً، وبشكل مباشر على الحركات والأحزاب الإسلامية سواء تلك التي في السلطة الآن، أو التي «تقاتل» من أجل الوصول إليها... وبالاستطراد تلك التي تتصدى للتوجهات الوطنية والقومية والتقدمية في مختلف أرجاء الوطن العربي. إنها معركة الإسلام السياسي في سعيه للوصول إلى السلطة والتحكّم بالقرار السياسي ليس في مصر وحدها وإنما في المنطقة جميعاً. واضح أن المعنيين بهذه المعركة يتجاوزون المنتسبين إلى التنظيمات الإسلامية في المنطقة العربية إلى الأنظمة التي ترفع الشعار الإسلامي (وإن رطن أركانها بالإنكليزية). بهذا المعنى فإن سقوط حكم الإخوان في مصر سيعطب مختلف الأحزاب والتنظيمات التي ترفع شعار «الإسلام دين ودولة» والتي يأخذها التطرف إلى حد اعتبار كل مسلم يعارض طروحاتها وسلوكها «كافراً» أو «مرتداً» فكيف الحال مع أتباع الأديان الأخرى، وتحديداً المسيحيين على اختلاف مذاهبهم. أما في لبنان فإذا ما صدقنا اتهامات أهل الطبقة السياسية لبعضهم بعضاً بالعمالة والتبعية للخارج والارتهان لأهل الذهب فلسوف نتحقق من أنهم ـ بمجموعهم ـ إنما يتآمرون على الوطن ودولته ومؤسساتها، وبينها ما تبقى من رموز الشرعية كالبرلمان والجيش، فضلاً عن وحدة الشعب التي تكاد تصبح ذكريات من الماضي، مستحيلة في الحاضر ويحتاج علاجها لتوطيد أركانها في المستقبل سلسلة من المعجـــــزات ومن الظـــروف الملائمة عربياً ودولياً. وما نتمناه ونصلي من أجله أن يحفظ شعب مصر العظيم وحدته الوطنية وأن يؤكدها حتى في ظل الصراع مع الحكم ذي الشعار الديني والتوجه الأميركي، الذي أثبت خلال السنة الطويلة التي مرت على تسنمه الرئاسة مطلقة السلطات مجافاته أهداف «أهله وعشيرته» من المصريين. أما في لبنان فأمرنا لله في ما ابتلينا به من مكاره أخطرها الطبقة السياسية التي تتصرف وكأن وحدة الشعب هي أخطر أعدائها وأن «الدولة» تكون غنيمتها خالصة أو فلتذهب إلى الجحيم، فالنظام باق لأن له «أرباباً» يحمونه حتى لو ذهب «رعاياه» إلى جهنم وبئس المصير!   نقلاً عن جريدة "السفير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الميدان» والشعار الديني بين مصر ولبنان «الميدان» والشعار الديني بين مصر ولبنان



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon