توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى لا تخسر يا «صباحى»

  مصر اليوم -

حتى لا تخسر يا «صباحى»

عمار علي حسن

لو خسر السيد حمدين صباحى انتخابات الرئاسة أمام السيد عبدالفتاح السيسى، فهذه فى نظرى ليست خسارة أبداً، إنما الخسارة الحقيقية والجارحة له هى خسارة «الصورة الإيجابية» التى رسمها لنفسه عبر عقود من الزمن فى أذهان قطاع عريض من الناس، مكّنوه من أن يكون «الحصان الأسود» للانتخابات الرئاسية السابقة، وهو المرشح الأفقر والأبسط بين كبار المتبارين فيها، والوحيد فيهم الذى أطلق ضربة بدايته قائلاً جملته الأثيرة: «بقوة الله، وبقوة الشعب». وهذه الصورة قد تنجرح إن انزلقت حملة «صباحى» من المنافسة، مهما بلغت شراستها وحدتها، إلى الكيد، ومن تحقيق مطالب الثورة إلى المساهمة فى مزيد من التشتت الاجتماعى والسياسى، يتجاوز فكرة «التعددية» وضرورة وجود «البديل السياسى» إلى إهالة التراب على كل شىء، والتشكيك فى كل أحد، وفتح باب جديد لصراع سياسى آخر. ما أعرفه أن «صباحى» حريص كل الحرص على المصلحة العامة، على الوطن، ولم يكفر أبداً، فى أى لحظة بالدولة المصرية العريقة وخصوصيتها الحضارية، وهو الرجل «العروبى» حتى النخاع، بل إن أول لقطة قدم بها حمدين نفسه إلى الناس، كان يدافع فيها عن الشعب وقضاياه الحقيقية، حين وقف هصوراً جسوراً أمام السادات عقب انتفاضة الخبز سنة 1977 لينتقد سياساته الاقتصادية، ويهاجم الفساد الحكومى، وموقف الرئيس الأسبق من إسرائيل، ولم تقتصر أقواله وقتها على الدفاع عن جماعة أو تنظيم أو شخص يتفق معه فى التفكير والتدبير، واستمر على هذا الدرب خلال عضويته فى البرلمان، واعتُقل وسُحل من أجل ألا يكون غير هذا. فى الانتخابات السابقة حرص «صباحى» على ألا يهبط بالمنافسة إلى الردح السياسى أو القدح فى منافسيه، فتسامى عن استخدام ألفاظ قاسية فى وصف من ينازلهم، وحين تحدث أحدهم عن صحته، رد عليه بذكاء ومن دون تجريح ليؤكد أن الله قد شفاه، وحين استهان آخر بشعبيته وفرصه، قال: ثقتى فى أن الشعب سيرد على من يشكك فى قدرتى على المنافسة. لكل هذا أوجّه نداء لـ«صباحى»، وأعلم أن الرجل يتابع ما أكتبه ويقدره لأسباب لا مجال لذكرها هنا، بألا يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لبعض شباب حملته فيفعلوا ما يحلو لهم من دون تفكر ولا رويّة، أو يغفلوا عمن يندسون بينهم لتحقيق أهداف غير تلك التى يصبو إليها التيار الشعبى، فتنفلت أعصابهم، ويخرجوا بحمدين عن المسار الذى حرص عليه، ويأخذوه إلى خسارة ما هو أهم من انتخابات الرئاسة، وهو صورته التى دفع الكثير من أجل الحفاظ عليها، ورغبة كثيرين فى أن يتقدم فى الحياة السياسية أكثر، مهما كانت نتيجة الانتخابات. بل سأقول، فى منتهى الصراحة، إن خسارة «صباحى» للانتخابات قد تكون مكسباً، وكسبه لها قد يكون خسارة، حين يصل الناس به إلى كرسى الحكم ويعجز عن إنجاز ما أخبرهم به، والإيفاء بما تعهد به. فكثير من السياسيين خسروا الانتخابات غير مرة، لكنهم لم ييأسوا، بل صابروا ورابطوا وثابروا وواصلوا كفاحهم حتى حققوا ما أرادوا، ليس من أجل أنفسهم إنما من أجل شعوبهم، وأبرزهم «لولا دا سيلفا» الذى أخرج البرازيل من قاع الفقر والاستدانة والتخلف الشامل إلى أبواب العالم الأول. أما من خسر صورته، حتى لو كسب الانتخابات، ففى رأيى أنه قد خسر كل شىء، فالشرعية الأخلاقية لا تقل أهمية عن الشرعية السياسية والقانونية. أعلم أن الكثيرين من شباب التيار الشعبى فتيان واعدون وأنقياء ووطنيون بلا حدود، لكن حماسهم قد يغلبهم أحياناً، فيقولون ويفعلون ما يسىء إلى «صباحى»، بإخراجه عن المسلك المحترم الرائع الذى سار فيه خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، وظنى أن هذا هو السبب الأساسى الذى منح حمدين كل هذه الأصوات رغم بساطة حملته من ناحية المال والتنظيم وتقديم البرنامج الجامع المانع. فيا «صباحى»، أيها المناضل الجسور، أكمل طريقك وتسامَ عن الصغائر، وأوصِ من حولك بأن يساعدوك على أن تبقى كما أنت، تدخل الانتخابات وتخرج منها، بغض النظر عن النتائج، ولست إلا أنت، رجل وطنى يضحى، حتى بنفسه، من أجل الوطن. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا تخسر يا «صباحى» حتى لا تخسر يا «صباحى»



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon