توقيت القاهرة المحلي 05:46:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محمود أمين العالم

  مصر اليوم -

محمود أمين العالم

مصطفى الفقي

هو مفكر يسارى وفيلسوف تقدمى سطع نجمه لسنوات فى الحياة السياسية فى «مصر» وعاصر زمن الكبار فى مجالات الفكر والأدب والفن وجرى عليه ما جرى على اليساريين فى «الحقبة الناصرية» وأصبح شأنه شأنهم مهما كانت قبضة حكم «عبدالناصر» عليهم قوية، فرغم تخرج معظمهم من سجونه إلا أنهم ظلوا على الوفاء لأفكارهم ومبادئهم لأن الالتزام بما آمنوا به كان أقوى دائماً من المصالح الذاتية أو المعاناة الشخصية، ولذلك ليس غريباً أن نرى أن اليسار المصرى لازال يتذكر «عبد الناصر» ويرى فيه حاكماً وطنياً آمنوا به وإن اختلفوا معه لأن حضوره الطاغى فى تاريخ «مصر» الحديث قد أشعل روح الكبرياء والشموخ لدى المصريين والعرب على السواء، كما أن اقتران اسم «عبد الناصر» بقضية «العدالة الاجتماعية» قد جعل له موقعاً متميزاً بين حكام «مصر»، ولقد كان «محمود أمين العالم» تجسيداً لهذا النمط من التفكير وتعبيراً عن تلك الروح التى مازالت مستقرة لدى كثير من المصريين والعرب، فقد كان «محمود أمين العالم» معروفاً بالبساطة والتواضع والاستغراق فى الجانب الفلسفى «للنظرية الاشتراكية»، وقد خصص له التليفزيون المصرى مساحة أسبوعية فى السنوات الأخيرة من حكم «عبدالناصر» يتحدث فيها «محمود العالم» إلى المصريين فى شتى الموضوعات السياسية والقضايا التى تهم جماهير المصريين خصوصاً أن السيدة قرينته كانت هى الإعلامية المعروفة «سميرة الكيلانى»، ولم يسلم «محمود أمين العالم» من الاستبعاد والتهميش بعد وصول الرئيس الراحل «أنور السادات» إلى السلطة وقيام «ثورة التصحيح» فى 15 مايو 1971، ولقد ربطتنى بذلك المفكر اليسارى صلات طيبة امتدت عبر السنين، وكان فى سنواته الأخيرة يواظب معنا على حضور صالون «عبدالرحمن بدوى» الذى كان يدعو إليه ويعقده ابن شقيق ذلك الفيلسوف الكبير «بدوى» الذى عاش فى «باريس» سنوات طويلة حتى عاد إلى «مصر» ليصدر كتاب ذكرياته منتقداً فيه الجميع بغير استثناء فاتحاً الباب لمعارك فكرية وفلسفية وأدبية تليق بقيمة ذلك المفكر الكبير، نعود إلى «محمود أمين العالم» الذى عرف الصعود والهبوط فى عصر «عبدالناصر» والانزواء والإقصاء فى عصر «السادات» بينما ظل فى عصر «مبارك» ضميراً حياً لأمته وللفكر الذى اعتنقه منذ صدر شبابه حيث تأرجحت شخصيته بين خصائص العالم ولزوميات المفكر وسمات الفيلسوف، وقد تصدرت مقالاته التحليلية ودراساته العميقة الدوريات المصرية والعربية فضلاً عن الصحف اليومية كما ظل محتفظاً بابتسامته المشرقة وشخصيته الهادئة برغم كل ما أحاط به من مشكلات وتحديات، وقد بدت عليه آثار مسيرة العمر لأنه قطع فى مشواره الفكرى طريقاً طويلاً فما تحدثت إليه من مرة إلا وازددت احتراماً له وما قرأت له إلا وازددت تقديراً لتاريخه الفكرى، وما قرأت عنه فيما كتبه تلاميذه إلا وأيقنت أنه كان صاحب مدرسة متميزة بين المفكرين الكبار وفلاسفة عصره من أصحاب الانتماءات اليسارية والفكر التقدمى الذين تمسكوا بمبادئهم حتى نهاية رحلة العمر، وأظن أن صفات المناضل اليسارى تنطبق على ذلك المفكر الكبير الذى ضرب بسهم فى العلوم والآداب معاً شأن كبار المثقفين الذين أصبحت لهم مدرسة فكرية ترتبط بهم وتشير إليهم كما أضحى لهم تلاميذ يتذكرونهم فى كل مناسبة سياسية أو أطروحات فكرية، لأنهم صنعوا أنفسهم بأنفسهم وأصبحوا علامات مضيئة على طريق الفكر والفلسفة ومسيرة التثقيف والاستنارة التى يعتبر «محمود أمين العالم» واحداً من أبرز رموزها وحملة لوائها.. رحمه الله بقدر ما أعطى على مر السنين. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمود أمين العالم محمود أمين العالم



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon