توقيت القاهرة المحلي 05:29:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أى «قائد» هو؟

  مصر اليوم -

أى «قائد» هو

عمار علي حسن

حين يطلب الناس القائد، فعليهم أن يحددوا أى نوع من القيادات يريدون، إذ ليس كل القادة لهم السمات والخصائص والأدوار ذاتها، بل يختلف الأمر ليس وفق قدرات القائد فحسب بل أيضاً السياق الذى يحكمه والتنظيم أو الجماعة التى يقودها. ومن هذه الزاوية ينقسم القادة إلى ثلاثة أصناف، أولها القائد البيروقراطى، وهو شخص يمارس مهامه عبر تسلسل هرمى أو سلطة «مكتبية» متدرجة ويكون نفوذه على أتباعه مستمداً من القوانين واللوائح التى تحكم العلاقة معهم، وتعطيه سلطة العقاب والثواب. لكن هذا لا يمنع من أن يتمتع بعض القادة الإداريين بسمات شخصية، تجعل مكانتهم وهيبتهم غير مستمدة فى كل الأحوال من النفوذ الرسمى الممنوح ابتداء لأصحاب المناصب العليا. والثانى هو القائد الديمقراطى الذى يشرك من هم دونه فى صناعة القرارات، لاسيما تلك التى تؤثر تأثيراً بالغاً على تواجد الجماعة ومصلحتها. ولا يقوم القائد بهذا مكرهاً إنما عن اقتناع بحق الآخرين فى تحديد المسارات وتقرير المصائر. وفى بعض الأحيان تكون البيئة المحيطة بالقائد تسلطية، وتكون القوانين مفصلة لصالحه أو تعطيه صلاحيات شبه مطلقة أو مطلقة، لكنه يفضل تجنب كل هذا والعمل بروح الفريق، إيماناً منه بأن هذا هو الأسلوب الأفضل للوصول إلى القرار الرشيد. أما الثالث فهو القائد المتسلط، الذى يمتلك ويمارس سلطة مطلقة على أتباعه، فلا يشاورهم أو يرجع إليهم فى أمر أو قرار، وهم لا يملكون حياله إلا الطاعة التامة، وبعضهم قد يعتبرها واجباً لا فكاك منه. وأمثلة هذه القيادة يمكن أن نجدها فى نظم الحكم المستبدة، والجيوش، وبعض الشركات، وعصابات المافيا وغيرها، والأسر الممتدة، والتنظيمات الاجتماعية الأولية التى تعتمد على علاقات القرابة، بل إننا قد نجد أمثلة لهذه القيادة فى نظم ديمقراطية، يخرج فيها القائد على القانون أو يهمل القواعد التى تهندس علاقته ببقية السلطات أو بأعضاء الجهاز الإدارى للدولة أو مساعديه، ويتصرف وفق ما يراه هو. لكن القائد وقتها يكون محل نقد واستهجان وقد تكلفه هذه المغامرة استمراره فى موقعه. ويقسم عالم الاجتماع الألمانى ماكس فيبر القيادات إلى ثلاثة: كاريزمية وتقليدية وقانونية- عقلانية، الأول يزداد فيه دور الفرد، وينظر فيه إلى الزعيم باعتباره المحارب أو المخلّص أو البطل القومى أو الثورى، ويظهر فى أوقات التحولات الاجتماعية الفارقة التى يتم خلالها تحدى الوضع القائم وطرح بدائل مختلفة جذرياً عنه. ويوصف القائد الكاريزمى بأنه «الملهم» و«الشخصية الجذابة الآسرة» و«الشخص المهاب» الذى تتدافع الجماهير نحو إجلاله. وهناك خصائص لهذا النمط من القيادة، وفق فيبر، أولها أنها نتاج إدراك الأتباع لشخص معين أنه ساحر وملهم، قد وهبه الله قدرة خارقة، أو صفات استثنائية، ولذا يجب الخضوع له، والامتثال لأوامره والسير خلفه، والثقة بتصرفاته فى الأفراح والأتراح. وهذه حالة عاطفية بين الأتباع والقائد، يصعب الاعتماد على العقل والمنطق المحض فى تفسيرها. وعلى النقيض من هذا النوع من القيادة فإن الاثنين الأخيرين، حسب تقسيم فيبر، يعتمدان على الرابطة الاجتماعية والقانونية للقائد، وليس على قدراته الذاتية. وهناك من يقسم القادة إلى ثلاثة أيضاً: المعتمدون على ذواتهم وتحركهم دوافع قوية من الثقة بالنفس أو الرغبة فى الاستئثار، وقد لا يشركون أتباعهم فى القرار، والبراجماتيون الذين يذهبون مباشرة إلى تحقيق أهدافهم متخففين من أى حمولات تعرقلهم، والتفاعليون وهم من يسعون إلى حل المشكلات التى تواجههم من خلال التشاور مع الأتباع. وقد تجتمع هذه الأقسام الثلاثة فى القائد الديمقراطى. لكل هذا حين يطلب الناس القائد، فعليهم أن يحددوا أى نوع من القيادات يريدون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أى «قائد» هو أى «قائد» هو



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon