توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشريعة وحقوق الفقراء

  مصر اليوم -

الشريعة وحقوق الفقراء

مصر اليوم

أرسل لى الكاتب المغربى الأستاذ جمال الدين المغربى مساهمة مهمة بدأها قائلاً: «تشرفنى مراسلتك، بعد أن تابعت العديد من حواراتك، وأتفق مع العديد من آرائك، وأتمنى أن تقرأ هذه المساهمة، التى أعتقد أنها ستنال اهتمامك». وما أرسله «المغربى» ينطوى على رؤية عميقة لما يجب أن يكون عليه ممارسو السياسة من المنتمين إلى الحركة الإسلامية، ويفهمون أن الشريعة حقوق قبل أن تكون حدوداً، وأن الانشغال بتوفير حد الكفاية للناس من غذاء وإيواء ودواء وكساء وتعليم وترفيه أولى من الانشغال بمسائل شكلية عن الزى والطقوس. ونظراً لحيوية الموضوع وضرورته الآن أنشر هنا الرسالة كاملة كما وردتنى: «كان الثائر العظيم بشير الرحال يجمع الفقراء والمهمشين والمضطهدين فى المساجد ويحاول تنظيمهم وتوعيتهم بحقوقهم والنضال لأجل انتزاعها من السلطة الظالمة. وعندما كان يأتيه متسول لم يكن «بشير» يقول له: ارضَ بما قدر الله لك أو يعطيه بعض دريهمات تبقيه وتعوده على الذل والمسكنة، بل كان يقول له ما معناه إن لك حقوقاً عند السلطان فاجمع الناس لننتزع لك حقك. وكان بشير الرحال واعياً بخطورة المؤسسة الدينية الرسمية ودورها المحورى فى تبرير الظلم وتخدير الناس فكان دائم اللعن لها والهجوم عليها. وظل بشير الرحال على هذا النهج الثورى الرائع حتى استشهد مع رفاقه فى موقف بطولى عظيم فى ثورة النفس الزكية. ولمن أراد القراءة أكثر عن مواقفه وآرائه فيمكنه العودة لكتاب المحنة لفهمى جدعان فهى مذكورة فيه. لكن سؤالى هو عن سر وجود وعى سياسى واجتماعى ثورى متقدم عند شخصيات إسلامية من القرون الأول والثانى والثالت، ليس فقط بشير الرحال بل الكثير جداً مثل غيلان الدمشقى وعمر بن عبدالعزيز وأبوحنيفة النعمان وأبوبكر الأصم وأبوبلال المرداس وعبدالله بن أباض وزيد بن على وأبوحمزة الشارى وصولاً إلى أبى ذر الغفارى وسلمان الفارسى وعلى بن أبى طالب، بل وبكل تأكيد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. لماذا عند كل هؤلاء تعتبر الحقوق والقضايا الاقتصادية والاجتماعية هى مسائل جوهرية أساسية تستحق التضحية بل والقتال من أجلها. بينما عند الحركات الإسلامية المعاصرة فإن الإسلام بالنسبة لها فى الممارسة الواقعية -وليس الشعارات الخاوية- هو فقط قضية هوية ثقافية مرتبطة بالعادات والسلوك والزى، أما حقوق الفقراء وحقوق المضطهدين فهى مسائل ثانوية. لا أتكلم عن الاستثناء مثل على شريعتى أو محمود طالقانى أو الأفغانى أو عبدالوهاب المسيرى، أو حتى سيد قطب فى مرحلة معينة من حياته عندما كتب معركة الإسلام والرأسمالية، بل أتحدث عن الفكر والممارسة السائدة اليوم فى غالبية الحركات الإسلامية، التى برغم حديثها الدائم عن أن الإسلام دين ودولة واقتصاد واجتماع.. إلخ، ولكن فى الممارسة العملية فإن الإسلام الذى يمارس فى أحسن الحالات هو فقط هوية ثقافية، أما فى السياسية والاقتصاد والاجتماع فلا تنظير ولا نقد ولا ممارسة جدية عميقة ولا شأن لها بأن يجوع من يجوع أو أن يعرى من يعرى أو يصير آلاف الأطفال والفتيات والمستضعفين رقيقاً جدداً عند الأغنياء بسبب الحاجة والفاقة. علماً بأن من يقبل بالنمودج الاقتصادى النيوليبرالى القائم -وأغلب الحركات الإسلامية خصوصاً التى تسمى نفسها معتدلة تقبل به واقعاً- فعليه أن يقبل أيضاً بالتجهيل والدعارة وتجارة الجنس والفساد بكل أنواعه، لأن الرأسمالية الجديدة أو ما أسميه بالرأسمالية الشمولية -وهى غير رأسمالية دولة الرعاية الاجتماعية التى سادت خلال مرحلة معينة من القرن العشرين لأسباب لا مجال لذكرها الآن- تعنى إخضاع جميع مجالات الحياة من سياسة وتعليم واقتصاد طبعاً وفن واجتماع.. لمنطق الربح وأن تكسر كل الحدود والقيود من أجل الرأسمال. فمن يقبل بنمودج كهذا لا يأتى بعد ذلك يبكى ويشتكى من انتشار العرى والفساد الأخلاقى وووو فأنت قبلت نظاماً اقتصادياً-اجتماعياً لا يمكن أن ينتج إلا هذا. ومرة أخرى أقول للإسلاميين عودوا للسلف الذى تتكلمون عنه ستجدون العديد من النصوص التى تؤكد الارتباط بين أخلاق الناس وبين نمط معيشتهم الاقتصادى والاجتماعى، فلمادا تتجاهلون كل هذا؟». 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشريعة وحقوق الفقراء الشريعة وحقوق الفقراء



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 09:00 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 13:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 03:35 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الكركم المهمة لعلاج الالتهابات وقرحة المعدة

GMT 02:36 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

فعاليات مميزة لهيئة الرياضة في موسم جدة

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

نجل أبو تريكة يسجل هدفا رائعا

GMT 12:42 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات جبس حديثه تضفي الفخامة على منزلك

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجموعة Boutique Christina الجديدة لموسم شتاء 2018

GMT 11:46 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

الذرة المشوية تسلية وصحة حلوة اعرف فوائدها على صحتك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon