توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نقيب الصحفيين المنتظر

  مصر اليوم -

نقيب الصحفيين المنتظر

عمار علي حسن

  لأن الصحافة مهنة رأى، فلا يمكن تصور أن يكون نقيب الصحفيين رجلاً قد خاصمته المعرفة، أو شخصاً يقدم البطن على العقل، ويتعامل مع معدة الصحفى على أنها «الطُعم» الذى يصطاد به صوته ومواقفه، والفخ الذى يوقع فيه رهانه الذى لا يجب أن يموت على صحافة حرة وصحفيين يحصدوا حد «الكفاية» بنضالهم والتفافهم حول مصالحهم الحقيقية، بدون أن يلقوا مصيرهم تحت قدمى سلطان جائر، أو يسلموا أعناقهم ومصائرهم لانتهازى فاجر، قلمه معول هدم، وسطوره مجرد عربون لصفقات مشبوهة مع هذا وذاك، ووعوده ليست سوى محاولة جهنمية لدفع الصحفيين فى طريق الرضا بفتات، لا يملأ بطناً، ولا يصلب عوداً، ولا يصون كرامة. ولأن الصحافة تعلم أصحابها أن «الكلمة» وليست «اللكمة» هى الطريق إلى تبصير الناس بما يجرى، فليس من المتصور أن يكون نقيب الصحفيين رجلاً يقدم العضلات على العقل، وسطوة الجسد على سلطان المعرفة، والقدم على القلم، ولا يهتم إلا بهوامش الحياة، وتوافه الأشياء، وهو ما يريده الفاشيون الآن بلهفة وقوة وقسوة. ولأن الصحافة يجب أن تضع على عاتقها فى كل زمان ومكان كشف الفساد وفضح المفسدين، فلا يمكن أن نتصور أن يكون نقيب الصحفيين فاسداً، ولا حتى أن يكون قد أصابته هذه الشبهة، أو دارت حوله أقاويل بارتكاب تلك الجريمة فى أى يوم من الأيام. فقد علمتنا التجارب أنه لا دخان بلا نار، وأن من فسد لن يكون بوسعه أن يرفع عينيه فى وجه من سهلوا له طريق الفساد، وأحصوا عليه تجاوزاته، وسينعكس ذله وانكساره على الصحفيين، ولن يجد مفراً من المساومة على مصالحهم، وغض البصر عن هضم حقوقهم، وامتهان كرامتهم. كما أنه لن يجد طريقاً آخر سوى مواصلة النهب المنظم للمال العام، بعد أن يكون هذا السلوك قد تحول لديه إلى مرض عضال لا شفاء منه. ولأن الصحافة لا يمكن أن تعيش إلا على الحرية، فليس من المتصور أن يكون نقيب الصحفيين فى الخندق الدفاعى الأول عن الاستبداد، يبرر دوماً للمستبدين أفعالهم، ويداهنهم من أجل مصالح ضيقة رخيصة، ومتع زائلة. فمثل هذا النقيب لن يبذل أى جهد فى مقاومة القوانين السالبة للحريات، ولن يجد أى غضاضة فى أن يزج بمئات الصحفيين إلى غياهب السجون، لأن مصالحه من السجان وليست أبداً مع السجناء. إن الصحافة المصرية تقف على عتبات مرحلة حرجة، فسيف «الخصخصة» لا يزال مسلطاً على رقاب أبنائها، وإن طبق دون روية ولا وعى ودون انحياز لمصلحة وطنية عامة، فسيجور على حقوق الصحفيين وعلى دور الصحافة، ولذا ليس من المعقول أن يختار الصحفيون نقيباً من طبقة رجال الأعمال، قد يكون أول المسارعين إلى امتلاك أسهم وفيرة فى مؤسسة صحفية قومية، بعد أن امتص ورفاقه من مقدرات وأموال هذه المؤسسة أو تلك ما يؤهلهم لشرائها أو اقتناص الجزء الأكبر من تراثها وميراثها، ومن تاريخها ومصيرها، ولا أن يكون النقيب رجلاً يجيد المساومة والتجارة على حساب رعاية المعنى العميق والكلمة الحرة. والصحافة المصرية تعيش تحديات جساماً، أولها بفعل صحف عربية منافسة، تعزز دورها وارتقى مستواها المهنى وزاد توزيعها، وثانيها بحكم انصراف كثير من الناس إلى الصحافة الإلكترونية والفضائيات الإخبارية. ولذا يحتاج الصحفيون إلى نقيب يعى خطورة هذا الظرف، ولديه قدرة على إدارة الجماعة الصحفية ودفعها نحو إبداع حلول ناجعة لهذه المشكلات، التى تتفاقم يوماً تلو الآخر، وليس نقيباً لا يعنيه الأمر من بعيد أو قريب، ولا يهتم إلا بأن يرى اسمه متصدراً إحدى المطبوعات، وحسابه البنكى فى زيادة مستمرة، وعلاقاته خارج الوسط الصحفى فى نمو متصاعد، يضمن له دوماً أن يبقى من أصحاب الياقات البيضاء. نريد نقيباً من بيننا، لم يمسسه فساد، ولم يروعه استبداد. بابه مفتوح أمامنا فى كل وقت، وأذناه وقلبه معنا فى أى حين. يشعر بمن ظُلم منا، ويقاتل من أجل دفع الظلم عنه. ويرعى الموهوب فينا؛ لأنه هو لم يتكئ فى مسيرته العامرة بالكفاح على شىء إلا موهبته، ولا يجيد السير فى المسالك المتعرجة، ولا يعرف الأساليب التى يمارسها أصحاب الأبواب الخلفية، أعداء الحق والصواب. نريد نقيباً إن مثّلنا فى محفل أو ناب عنا فى جمع، أن يشرفنا بفكره العميق، ولسانه الفصيح العف، ومواقفه المشرفة، فيضيف إلى رصيدنا عند الناس، ويحفظ لمنصب نقيب الصحفيين هيبته، ويصون للصحافة مكانتها. نريد مثل هذا النقيب دوماً وإلا فلننتظر كارثة باستمرار.. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقيب الصحفيين المنتظر نقيب الصحفيين المنتظر



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon