توقيت القاهرة المحلي 07:20:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإسلام وأصول الحكم

  مصر اليوم -

الإسلام وأصول الحكم

عمار علي حسن

ويصير الدين مجرد أيديولوجية حين يرتبط بظاهرة السلطة لدى الجماعات والتنظيمات السياسية ذات الإسناد الدينى، والتى تبدأ بالمؤتلف مع الجماعة الوطنية تماماً والمستظل بأطر وأدوات الدولة الحديثة مثل «الأحزاب السياسية الإسلامية»، وتنتهى بالتنظيمات الموغلة فى الخروج والعداء مثل تنظيم «القاعدة». وأدلجة الدين الإسلامى ليست ظاهرة حديثة، بل تعود إلى زمن الفتنة الكبرى، حين دب الخلاف بين المسلمين وراح كل فريق يبحث عن تأويل للنص القرآنى يخدم مصالحه، ثم بدأت مرحلة أخطر تمثلت فى الكذب على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بوضع أحاديث منسوبة إليه. وكان هذا الانحراف قد أصاب الأديان السماوية الأخرى، فاليهود صبغوا دينهم بصبغة سياسية منذ «وعد يهوه» إلى «وعد بلفور» وما بعده، ووصل الأمر إلى ذروته بإقامة دولة على أساس دينى وهى «إسرائيل»، وذلك للمرة الأولى والأخيرة -حتى الآن- فى تاريخ الإنسانية قاطبة. وجرى الأمر على المسيحية منذ أن احتمت الكنيسة بسيف قسطنطين فى القرن الرابع الميلادى، فظهرت نظرية «الحق الإلهى للملوك»، وتحول رجال الدين إلى سلاطين، ما يظهر فى البيان الذى أصدره البابا أنوسنت الثالث فى سنة 1066 وأعطى نفسه الحق فى إصدار القوانين، وأن يقبّل كل ملوك وأمراء الأرض قدميه، وجعل من نفسه شخصاً مقدساً لا يذنب ولا يأثم، ولا يجوز لأحد أن يحاكمه، وكل فرد يحتمى به لا يمكن الحكم عليه أو ملاحقته. وبلغ الأمر مداه فى الحروب التى قامت باسم الأديان، فالإمبراطوريات الإسلامية المتعاقبة أشهرت سيوفها بحثاً عن الأرض والثروة والمجد، وقفزت على دفاعية الحرب وعدالتها حسب ما يفرض القرآن العظيم، وحولتها إلى حروب هجومية، مدعية أنها تنشر دين الله. وأفرطت المسيحية فى هذا حين انطلقت جيوش «الفرنجة» إلى بلاد الشرق رافعة شعار «الصليب» وقتلت وشردت فى زحفها المتكرر مئات الآلاف من المسيحيين فى جنوب أوروبا، ناهيك عن الدماء التى سالت على أرض الشام فى المعارك الطويلة بينهم وبين جيوش المسلمين. وارتكبت العصابات الصهيونية أبشع المذابح على أرض فلسطين، ووصل الأمر إلى حد أن قتل جيش الحرب الإسرائيلى الأسرى العرب، فى سبيل تحقيق نبوءة دينية مزعومة. وهناك اتفاق بين بعض علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا على أن ظهور الأيديولوجيات ما كان ليحدث فى ظل المجتمعات الزراعية السابقة على الثورة الصناعية، نظراً لأن الدين والتقاليد كانا يقومان بوظيفة مماثلة لما أصبحت الأيديولوجيا تقوم به فيما بعد. لكن ظهور الأيديولوجيات لم ينه التجليات الاجتماعية للأديان، ولم يقض على الوظائف التى يقوم بها الدين فى تفسير بعض المواقف التى يواجهها الإنسان فى حياته اليومية، ولم تؤد الدور العقدى للأديان، فى جانبه الغيبى. ويميز فيليب برو بين الأيديولوجيا والدين فى كون الأولى لا تقيم علاقة مع المقولات فوق الطبيعية، وبينما تؤسس الأديان وجودها على الوحى، الذى يعنى انبثاق المعرفة من مصدر إلهى، تسعى الأيديولوجيات جاهدة إلى إقامة سلطانها على قواعد بشرية. (نكمل غداً)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام وأصول الحكم الإسلام وأصول الحكم



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon