توقيت القاهرة المحلي 07:20:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شتوية!

  مصر اليوم -

شتوية

حسن البطل

هل أن السماء لبّت تأففات وشكاوى زميلي حافظ البرغوثي، أو صلوات استسقاء دعا اليها وزير الاوقاف محمود هباش؟ في عز الصيف قال علماء الأنواء إن برداً قاسياً زمهريراً سيحل ضيفاً ثقيلاً على المنطقة كما لم يفعل منذ قرن؟ أتذكر ثلجات القرن العشرين، ولا تمحى من ذاكرة اللاجئين الفلسطينيين ثلجة الاعوام الاولى من النكبة تحت الخيام. مات من مات وعاش من عاش. يتذكر أهل البلاد ثلجة الشتاء عامي ١٩٩١ - ١٩٩٢، أو تذكرهم قليلاً بها ثلجة العام ٢٠٠٢ - ٢٠٠٣، لكن ما يعنيني ان التهطال المطري في شتاء ١٩٩١ كان ثلاثة اضعاف المعدل العام (في بلادنا والمنطقة)، وشتاء ٢٠٠٢ كان ضعف معدل (التهطال) وشتاء ١٩٩٧ فتحت اسرائيل بوابات بحيرة طبريا لتصب في نهر الأردن .. ربما للمرة الأخيرة، هذا إن كان تهطال هذا العام مقروناً بصدق تنبؤات برد زمهرير لا مثيل له منذ قرن. للمطر مزاج في بلاد بعل .. يشح أو يسخى، لكن للثلج فيها مزاجا اكثر انحرافاً، فهو يطير على اجنحة الريح ويحطّ في المرتفعات وليس دائماً حسب ارتفاعها، وفي ثلجة شتاء ١٩٩١ - ١٩٩٢ هبط حتى على سفوح الكرمل .. وكاد يحط على الشاطئ. دون تطيّر ما، يبدو أن هذه الثلجة (١٩٩١) "تنبأت" بأن حقبة ما بعد اوسلو ستكون ماحلة سياسياً، وثلجة العام ٢٠٠٢ "تنبأت" بأن الانتفاضة والمفاوضات لن تبشرا بخير سريع. الاولاد في المدارس غيرهم في الشوارع، في الاول يكتشفون فيزيائياً ان ذرات الثلج ذات هندسة عجيبة وفريدة في كل ذرة كأنها من فنون الزخرفة الاسلامية (أرابيسك) وفي الشوارع والازقة يتصايحون ويتقاذفون كرات الثلج. المطر يأتي بلاداً في الشتاء، وبلاداً في الصيف، لكن الثلج زائر الشتاء، وليس كل شتاء يزورنا الثلج، لكن المطر قد يلقي علينا سلاماً عابراً، او يأخذنا بالاحضان والقبلات! هو الثلج في بلادنا هش يذوب بين يوم واسبوع، لكن في بلاد اخرى يدوم شهوراً، وفي اقاصي الارض (القطبين الشمالي والجنوبي) يتراكم، ويصبح كتلة جامدة صلبة لا تشقها حتى بلطة من حديد أو فولاذ، فيبني منها الناس هناك (الاسكيمو) جدران بيوت "دافئة". يحبّ الرومانسيون السير في المطر تحت المظلات، لكن امطار بلادنا مصحوبة، غالباً، مع الريح القوية، وهذه تطوح بالمظلات "صنع في الصين" التي تنكسر اضلاعها الهشة سريعاً. كل شتوية تكلفني ٥ - ٦ مظلات، وحصل أن أحصيت على جانبي "حاجز صردا" (الصاد لا بالسين) حوالي ٩٨ مظلة مكسرة بعد عاصفة مطرية - ثلجية في شتوية العام ٢٠٠٢ - ٢٠٠٣. بحثت في لندن وباريس عن ما يشبه "مظلة سيدي" القوية التي كان يورثها لأبي، لم أجد سوى مظلات صينية هشة! نحن نقول، كما في الانكليزية "منخفض"، أو "مرتفع" لكن الاصوب هو ما يقولون في الفرنسية Cyclone - عاصفة او Anty-ccyclon التي تعني جواً صافيا صيفياً. يقول تقرير خبير أجنبي إن التهطال المطري في رام الله يزيد من المجموع على التهطال في باريس ولندن .. لكن هناك يهطل المطر على مدار العام تقريباً، وعندنا يهطل في ثلاثة شهور فقط. هناك "يهمس" المطر كسولاً، وهنا يهطل وابلا مدراراً عاصفياً، لكن صيف بلادنا قائظ وطويل والتبخر شديد، وهذا يفسر وفرة الانهار في فرنسا وبريطانيا، بينما معظم الانهار الكبرى في بلادنا تنبع من بلاد الجيران. هنا يصلون صلاة استسقاء، وفي بلاد أخرى يقولون "مملّ كالمطر" أو يصلون صلاة استكفاء من المطر. من زمان قرأت دراسة لعلماء روس تقول ان شبه الجزيرة العربية (السعودية والامارات) سوف تعود بلاداً ماطرة، كما كانت في ازمان غابرة تشكلت فيها بحيرات أو "سبخات" وجرت فيها الانهار. الثابت، تاريخيا، ان مناخ الشرق الاوسط كان قبل ٨ - ١٠ آلاف سنة يشبه مناخ أوروبا الحالي، بينما كانت "القبعات" الجمهورية تغطي معظم اوروبا .. وإلا ما اكتشفوا عظام ديناصورات في الجزيرة العربية والصحراء الإفريقية الكبرى. في شرق آسيا وأميركا وأوروبا يعطون للأعاصير أسماء مؤنثة غالباً (رغم الاحتجاجات النسوية) لكن في بلادنا يعطون للمنخفضات الجوية أسماء أعاصير، وها نحن أمام أول "إعصار" يسمونه "الكسا" في لبنان، و"عربين" في فلسطين .. ولا أعرف ماذا في إسرائيل. يهم اسرائيل كيف ستمتلئ بحيرة طبريا، ويهمّ الفلسطينيين كيف سيصير سهل "ميثلون" بحيرة لشهر أو شهرين. معليش. الناس تحب الثلج (عكس الناس هناك)، ولو أن كل ١٠ سم ثلج تعادل ١٠ملم من ماء المطر .. ولكنها "مؤونة" الينابيع وبلادنا بلاد الينابيع والعيون الكثيرة ومتوسطة الغزارة أو الشحيحة! نقلاً عن جريدة "الأيام" الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شتوية شتوية



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon