توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المزعج فى القصة كلها

  مصر اليوم -

المزعج فى القصة كلها

سليمان جودة

أكثر ما يزعج فى قرار قاضى المنيا بإحالة أوراق 683 متهماً إلى مفتى الجمهورية ليس أنه أحال أوراق كل هذا العدد من المتهمين إلى المفتى، دفعة واحدة، فقد أحال هو نفسه، من قبل، أوراق عدد مقارب لهم، إلى المفتى ذاته. وأكثر ما يزعج فى الموضوع ليس أن مرشد الجماعة الإخوانية محمد بديع واحد من الذين شملهم قرار الإحالة من القاضى إلى المفتى، فمحمد بديع مجرد متهم بين مئات المتهمين فى القضية، وما يجرى عليهم يجرى عليه بالضرورة، ولم يكن من المتصور أن يستثنيه القاضى من قراره، لمجرد أنه المرشد، لا لشىء، إلا لأن العبرة هنا إنما هى بالتهمة، وبالجريمة التى ارتكبها الشخص، وليست أبداً بوضعه فى المجتمع، فيما قبل ارتكاب الجريمة، أياً كان هذا الوضع! وأكثر ما يزعج فى القضية ليس أن وسائل إعلام حول العالم قد تلقفت الخبر، وصنعت منه حكاية تعيد فيها وتزيد، رغم أنها وسائل إعلام فى دول متقدمة، وتعلم بالتالى أن قرار القاضى، أو أى حكم صادر عنه، لا يجوز أن يكون مادة على أنهار الصحف لكل عابر سبيل هكذا! وأكثر ما يزعج فى الأمر ليس أن البيت الأبيض الأمريكى قد عبّر عن قلقه مما صدر عن القاضى، وكذلك فعل مسؤولون فى الأمم المتحدة، وفى فرنسا، فالمدهش حقاً أن هؤلاء جميعاً الذين عبروا عن قلقهم يدركون تمام الإدراك أنهم إزاء قاض كان عليه أن يحكم فى قضية أمامه، وأنه قد حكم فيها بما رآه، وهذا حقه المطلق الذى لا يجب أبداً أن ينازعه فيه أى شخص على وجه الأرض، وإلا فإن على هذا الشخص أن يأتى ويجلس فى مكان القاضى، ثم يقرر ويحكم هو! كل هذا، وغيره، مما هو فى اتجاهه، ليس هو المزعج فى القصة من أولها إلى آخرها، وإنما المزعج فعلاً أن قرارات القاضى، التى لم تتحول إلى أحكام بعد، قد تحولت إلى مادة فى حقل الإعلام والسياسة، يؤخذ فيها وحولها الرأى، فيقول فلان إن القاضى قد أحسن فيما قرر وفعل، ويقول علان إنه لم يحسن فيما قرر وفعل! هذا كلام خطير، ولا يليق بنا أن ننساق وراءه، أو أن يجرى استدراجنا إليه، وإلا، فماذا على القاضى فى أى قضية مقبلة أن يفعل؟! هل عليه أن يقرر ويحكم بما أمامه من أدلة وبراهين، أم يحكم بما أريد أنا، وتريد أنت؟!.. وما الذى كان سيحدث، لو أن قاضى المنيا ذاته قرر البراءة لجميع هؤلاء المتهمين؟!.. بالطبع كانت الزغاريد سوف تنطلق فى قاعة المحكمة وخارجها، بمثل ما أن أصوات النحيب قد ملأت المكان، عندما رأى هو العكس، ليس لأنه يريد العكس فى حد ذاته، وليس لأنه مغرم به، وإنما لأن الأوراق على مائدته تقول بذلك، ولا تقول بغيره! يعلم الجميع أن الاعتراض على قرار القاضى له طريق واحد، يحدده قانون السلطة القضائية، وهو طريق لا يمر بالشارع، ولا بوسائل الإعلام، ولا بالمنتديات السياسية، وإنما يمر بالقضاء نفسه.. بمعنى أن هناك شيئاً اسمه الاستئناف، وشيئاً اسمه النقض، وشيئا اسمه المعارضة فى الحكم، وشيئاً اسمه طلب إعادة النظر فيه، ولا شىء قبل هذه السبل الأربعة، ولا شىء بعدها يعرفه قانون الإجراءات الجنائية الذى ينظم وحده هذه الأمور! كأننا، والحال كذلك، فى حاجة كل فترة، إلى إعادة تذكير الناس بأن واحد * واحد تساوى اثنين بالتمام، ولا تساوى ثلاثة بأى حال!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المزعج فى القصة كلها المزعج فى القصة كلها



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon