توقيت القاهرة المحلي 01:52:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإنسان الذى هان!

  مصر اليوم -

الإنسان الذى هان

سليمان جودة

فى المناوشات التى تنشأ بين الدول، وتكاد تتحول إلى حروب محدودة، لا يسقط من القتلى أبداً عدد يساوى العدد الذى سقط فى حوادث هذا الأسبوع، فى الصعيد مرة، وفى السويس مرة أخرى! وهل يمكن لأحد أن يستوعب أن يسقط 22 قتيلاً فى حادث السويس، وأن يسقط مثلهم من المصابين، ثم يسقط قبلهم بـ24 ساعة ما يقرب من عشرين قتيلاً فى حادث آخر فى الصعيد؟!.. فإذا ما جمعت أنت حصيلة الحادثين، مع حصيلة حوادث أخرى متفرقة هنا مرة، وهناك مرات، تبين لك أن 50 مواطناً على الأقل قد فقدوا أرواحهم على الطرق، بلا ذنب، وبلا ثمن، خلال أيام معدودة على أصابع اليد الواحدة! وربما يكون أشد ما يدعو إلى الحزن فى الموضوع أنه لم يعد يستوقف أحداً على نحو ما يجب، وكأنه قد صار شيئاً عادياً، تنشره الصحف على أنه شىء يومى معتاد، ويتعامل معه القارئ على أنه شىء لم يعد جديداً! ثم يدعو إلى الحزن أكثر أن يكون الإنسان، الذى قال الله تعالى فى قرآنه الكريم إنه قد كرمه على سائر المخلوقات، يتلقى مثل هذا الهوان على أى طريق ممتد، فى القاهرة، أو فى خارجها! وما يؤلمك حقاً أن نزيف أرواح المواطنين مستمر، وأن الأمر لا يبدو أنه يؤرق أحداً من مسؤولينا الذين تعنيهم المسألة، وكأننا، كمسؤولين، قد استسلمنا للحكاية، أو كأن الذين يتسببون فى حوادث بهذا القدر المأساوى، إنما هم جن من السماء لا نملك إزاءهم أى حيلة! لا أريد أن أصل إلى الحد الذى يمكن أن يُقال فيه، وهو ما يقال همساً بالفعل، إن حوادث بهذا الحجم يجوز جداً أن يكون وراءها مدبرون من نوعية هؤلاء الذين يحاربون الدولة المصرية، هذه الأيام، على كل جبهة، مع أنهم مع الأسف، مصريون، أو يقال إنهم مصريون! والحقيقة أننا لا يجب أن نستبعد شيئاً، فى ظروفنا هذه، إذ لا يهم جماعة الإخوان، وأتباعها الذين هم بلا ضمير، شىء، إلا أن يؤلبوا الناس على الحكومة، وعلى السلطة عموماً، حتى ولو كان الثمن هو أرواح مواطنين خرجوا يسعون وراء الرزق، فصادفهم سوء الحظ إلى هذه الدرجة! وأياً ما كان الموضوع وراءه قصد، وعمد، أو أنه يقع إهمالاً شنيعاً لا أكثر، فإننا فى الحالتين أمام عملية يصعب، بل يستحيل، أن تدوم على هذه الصورة، وإذا دامت فليس لها معنى، عندئذ، إلا أن المسؤولين عنها وعن أسبابها لا يحاسبهم أحد، ولا يسألهم أحد! وسواء كان العيب فى كل الحالات، من السائق، أو من الطريق، أو من السيارة ذاتها، ففى الأحوال كلها هناك مسؤول سمح لشخص غير مؤهل للقيادة بأن يقود سيارته، وهناك مسؤول عن طريق أقر بأنه يصلح لأن يستخدمه المواطنون، وهو لا يصلح، وهناك مسؤول أو موظف يعرف أن السيارة التى يمنحها رخصة للعمل لا تستوفى مواصفات السير، ومع ذلك يمنحها رخصتها، بلا مبالاة لا مثيل لها، وباستهتار بأرواح الناس، لا نظير له! وما يبعث على الحيرة حقاً أنك تكاد لا تجد مسؤولاً بعينه تخاطبه فى قضية الإنسان فى البلد، وفى هوانه على بلده، إلى هذا المستوى الموجع.. هل تخاطب رئيس الحكومة الذى استهل عمله قبل أيام، وقال إنه يريد أن يحس المواطن بأن اليوم فى حياته أفضل من الأمس؟! أم تخاطب وزير النقل الذى جاءته أيام حظر التجول فرصة من السماء، ليقوم خلالها بالصيانة المفترضة على الطرق والسكة الحديد، فلم يفعل، أم تخاطب المسؤولين عن المرور بطول البلد وعرضه، أم تخاطب مَنْ؟! أخاطبهم جميعاً، ولا نراهن على شىء قدر رهاننا على أن يدرك، كل واحد منهم فى موقعه، أن أغلى ما فى أى بلد هو الإنسان، وأنه إذا هان، هان كل ما سواه! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان الذى هان الإنسان الذى هان



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon