توقيت القاهرة المحلي 01:52:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الرسالة» لم تصل

  مصر اليوم -

«الرسالة» لم تصل

سليمان جودة

إذا كان الدكتور محمد مرسى قد قرر ألا يحمل المسافر من البلد، أو القادم إليه، أكثر من عشرة آلاف دولار نقداً، فالقرار يبدو، فى ظاهره، أنه يرغب فى حماية ما تبقى من هذه العملة الصعبة لدينا، بعد أن استهلكنا ما يقرب من 20 ملياراً منها، خلال الفترة الممتدة من قيام الثورة إلى اليوم! هذا عن ظاهر القرار، وعن ظاهر أهدافه، وهى أهداف لا يكاد يختلف حولها اثنان، خصوصاً أنها إجراءات مأخوذ بها فى دول مماثلة كثيرة فيما يتصل بحجم ما هو مسموح به عند السفر خارج البلاد. لكن.. على جانب آخر يتساءل كثيرون: إذا كان هذا مفهوماً بالنسبة للمسافرين، فلماذا نمنع القادمين من حمل ما يشاءون من دولارات، فى وقت تشكو فيه أنت كدولة من شح الدولار فى الأسواق؟! قد يبادر واحد ويقول: لكننا لا نعرف ماذا سوف يفعل حامل الدولارات إلينا بها؟.. وسوف نقول رداً على ذلك: إن الأجهزة المعنية قادرة على أن تراقب حركة الذين سوف يحملون أكثر من عشرة آلاف إلى أرضنا ، وتستطيع هذه الأجهزة أن تسجل فى المطار أسماء الذين دخلوا بأكثر من المبلغ المقرر خروجه مع أى مسافر، حتى ولو كان المبلغ الوارد عندئذ بالملايين، وتستطيع أجهزتنا، فى الوقت نفسه، أن تعرف بسهولة أين أنفقها حاملها، وكيف، ولحساب من ذهبت الملايين بعد دخولها؟! باختصار.. الحظر من هذا النوع على المسافرين مفهوم، ومقبول، ويمكن استيعابه، لكنه بالنسبة للقادمين محير، ويبعث على الدهشة، ولا يرى أى عاقل مبرراً مقنعاً وراءه!.. فهل يتفضل مسؤول ممن يعنيهم الأمر بتوضيح هذه الحكاية الغامضة للمواطنين الحائرين، لعلهم يكونون فى الصورة؟! هذا عما يخص الإجراء فى حد ذاته بشكل مباشر، فإذا انتقلنا إلى العام فيه، كان لنا أن نتساءل بقوة، وقتها، عن نوعية «الرسالة» التى سوف تصل إلى العالم من حولنا من خلال إجراء كهذا، فإذا ضممنا إليه إجراء آخر جاء بعده مباشرة، وقال إن وزارة الاستثمار قد أخطرت شركات الاستيراد بعدم فتح اعتمادات تزيد على 5 آلاف دولار يومياً، كان للمراقبين الاقتصاديين فى العالم أن يتساءلوا بالقوة نفسها عن حقيقة التوجه الاقتصادى الذى سوف تنتهجه الدولة المصرية فى المرحلة المقبلة، وعما إذا كان انفتاحاً أم انكماشاً؟! مثل هذه الإجراءات لن تكون مطلوبة وضرورية، لكنها، فى الوقت ذاته، تظل فى حاجة إلى شرح للناس، حتى تظل فى سياقها، ولا تخرج عنه إلى سياق آخر ليس لها، ولا يمت إليها بأدنى صلة! إننا نعرف، على سبيل المثال، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد طبقت سياسات انكماشية خالصة فى وقت الكساد الاقتصادى الذى ضرب العالم فى ثلاثينيات القرن الماضى، لكن.. ما لبث الرئيس روزفلت حين جاء إلى الحكم، أيامها، أن أدرك أن الانكماش أو الانغلاق عن الدنيا ليس حلاً، ولن يكون، وأن الانفتاح هو الحل، ولذلك أخذ به على الفور، ونشأت فى عهده، الذى انتهى عام 1945، أعظم بنية أساسية عرفتها بلاده إلى اليوم! مراقبون كثيرون يشتمون فى الإجراءين الأخيرين، أو بمعنى أدق فى نصف الإجراء الأول وفى الثانى كاملاً، رائحة انغلاق اقتصادى لسنا مؤهلين له، ولا نستطيع تحمله، كما أنهما ضد طبائع العصر! القصة على بعضها فى أشد الحاجة إلى توضيح، وإلى بيان من جانب المجموعة الاقتصادية المختصة داخل الحكومة، لأن النوايا من وراء ما جرى اتخاذه يمكن جداً أن تكون صادقة، ويمكن للأهداف أن تكون وطنية، ونبيلة، غير أن هذا ليس هو بالضرورة الذى يصل إلى الذين يتلقون القرارات والإجراءات، والذين يكون عليهم أن يتناولوها بالرأى والتحليل والنظر! قولوا للعالم، الذى ترغبون فى استثماراته عندكم، ماذا تريدون بالضبط، وإلى أين تحبون للاقتصاد أن يسير! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الرسالة» لم تصل «الرسالة» لم تصل



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon