توقيت القاهرة المحلي 08:43:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسالة مسلسل الكوارث

  مصر اليوم -

رسالة مسلسل الكوارث

فهمي هويدي

إلى متى سنظل نذرف الدمع على ضحايا الإهمال فى مصر. ونلقى بتبعة مسئولية الكوارث الناجمة من ذلك الإهمال على عاتق النظام السابق؟ ليس جديدا ولا مفاجئا ما حدث أمس فى منطقة البدرشين وأدى إلى مقتل نحو عشرين شخصا وإصابة عشرات بعضهم فى حالة خطرة. فالكارثة إحدى حلقات مسلسل نعرف له بداية ولا نعرف له نهاية. ونعرف أيضا أن ضحاياه هم من بسطاء الناس وفقرائهم، الذين لا يملكون بديلا ولا خيارا، وتضطرهم ظروفهم إلى الاعتماد على ما تقدمه الدولة من خدمات، دون أن يدركوا أنها ظلت تتمسح فيهم بين الحين والآخر، دون أن تعتنى بأمرهم فى كل حين. ليست معروفة على وجه الدقة ملابسات الحادث الذى كان ضحاياه من المجندين حديثا بالقوات المسلحة، لكننا درجنا على إقالة أو استقالة الشخص الذى يحمل بالمسئولية الأدبية عما جرى، ثم تشكيل لجنة من الخبراء للتعرف على ملابسات الحادث. وبعد بضعة أسابيع، حين يكون الناس قد نسوا الموضوع أو انشغلوا بهموم أو كوارث أخرى، تعلن نتائج أعمال اللجنة، التى عادة ما تنتهى إلى إحالة الأمر إلى القضاء الذى يدين الصغار ويبرئ الكبار. وفى الوقت ذاته تطلق وعود كبار المسئولين التى تحاول طمأنة الجميع إلى أن الأوضاع ستتغير فى أقرب فرصة. هذا «السيناريو» تابعناه فى أعقاب وقوع كارثة أسيوط التى تسببت فى مقتل نحو خمسين من أطفال إحدى المدارس، حين ارتطم القطار القادم من أسوان بالحافلة التى أقلتهم، وتمت استقالة وزير النقل آنذاك، ثم شكلت لجنة من أساتذة كلية هندسة أسيوط لدراسة ملابسات الحادث وأوجه القصور فيه، ولاتزال محاكمة عامل المزلقان مستمرة. وقد شاء القدر أن تنشر جريدة الأهرام أمس متابعة لزيارة رئيس الوزراء ووزير النقل إلى إحدى مناطق الجيزة للتعرف على الجهد الذى بذل لتطوير «مزلقانات» المحافظة، فى حين كان الدكتور هشام قنديل قد قام بجولة على مراسى الأتوبيس النهرى. ولم تمض ساعات معدودة على ذلك حتى وقعت الكارثة الجديدة. فيما يمكن اعتباره رسالة تنبه إلى أن الأمر أكبر مما نظن، وأن المشكلة لن تحل فى أجل قريب، وأن زيارة رئيس الوزراء من مبادرات حسن النية ولكنها قد لا تعنى الكثير فى حل المشكلات الحياتية المعقدة التى يواجهها المصريون. لا أستطيع أن أقلل من مسئولية النظام السابق، الذى لا ينكر أحد أنه لم ينشغل فى أى مرحلة بمشاكل الناس أو بالنهوض بالمجتمع من أى باب. بل كان انشغاله بمباريات كرة القدم وربما بالسياحة أيضا مقدما على أى مرفق من مرافق الدولة. باستثناء الأمن بطبيعة الحال. وكانت نتيجة ذلك أن تدهورت الخدمات بشكل مخيف، الأمر الذى حول البلد فى نهاية المطاف إلى مجموعة من الخرائب فى أهم القطاعات فلا تعليم ولا صحة أو إسكان أو مواصلات. وشاءت المقادير أن يحال أمر ذلك كله إلى النظام الجديد. بحيث يتحمل مسئولية التعامل مع الأنقاض التى خلفها ذلك النظام. وهى جسيمة لا ريب، فضلا عن أن الإنجاز فيها يحتاج إلى وقت طويل. كما يتطلب توفير تمويل لا أعرف إن كان بمقدور الموازنة العامة أن تدبره أم لا (للعلم: ذكر رئيس هيئة السكك الحديدية السابق أن تطوير مرفق النقل البرى يحتاج إلى مبلغ 12 مليار جنيه). إلا أن الاستسلام لهذه الفكرة لا يخلو من خطورة إذا ترتب عليها اكتفاؤنا بتوجيه أصابع الاتهام إلى الماضى، وتبرئة ساحة السلطة القائمة حاليا. ذلك أنه إذا كان من الصحيح ان النظام السابق هو الذى خلف الخرائب والانقاض، إلا أنه من الصحيح أيضا أن النظام الجديد فرض عليه إزالتها، أولا عن طريق تحديد أولوياته فى التعامل معها، وثانيا عن طريق طرح رؤية وتصور واضح لكيفية علاج كل مشكلة، وثالثا لإعلام الرأى العام بحالة كل مرفق وبالفترة اللازمة إن لم يكن لحل كل مشكلة فعلى الأقل لحل أهم ثلاث أو خمس أهم مشاكل تواجه المجتمع، لكى يعرف الناس إلى  أين نحن ذاهبون، وهل يتعلقون بالأمل أو يستسلمون لليأس. لست أشك فى أن الناس على استعداد لأن يصبروا إذا اقتنعوا بجدية ما يسمعون. وإذا ما رأوا أثر الجهد الذى يبذل ملموسا على أرض الواقع. أدرى أن رئيس الوزراء يتحرك طول الوقت، وأن بعض المنابر الإعلامية معنية بالاصطياد له بأكثر من عنايتها بمتابعة جهده أو تشجيعه وحثه على الانجاز. إلا أنه مع ذلك يظل مطالبا بأن يتعامل مع المجتمع بشفافية تضع الناس فى الصورة وتقنعهم بأن ثمة حركة محسوبة فى الاتجاه الصحيح. وما لم يفعل ذلك فسنظل نتلقى الكارثة تلو الأخرى وننتظر من السماء معجزة لن تأتى أبدا، لأن زمن المعجزات انتهى ولن يعود. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة مسلسل الكوارث رسالة مسلسل الكوارث



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon