توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لسنا جاهزين للوفاق

  مصر اليوم -

لسنا جاهزين للوفاق

فهمي هويدي

منذ قامت الثورة فى مصر والدعوة إلى الوفاق بين مختلف القوى السياسية تتردد فى كل مناسبة، لإنقاذ الثورة والوطن، إلا أن الأصوات الداعية إلى ذلك الوفاق خفتت خلال الأشهر الأخيرة، حتى أصبحنا لا نكاد نسمع أحدا يتحدث عنها هذه الأيام، الأمر الذى يدعونى إلى طرح السؤال التالى: هل القوى السياسية المصرية راغبة حقا فى الوفاق؟ عندى شكوك قوية فى توفر تلك الرغبة. يؤيد ذلك أن الدعوة المضمرة فى الوقت الراهن، والتى تعبر عنها بعض الكتابات الصحفية باتت تركز على الإقصاء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ودعاة الإقصاء هؤلاء يعبرون عن موقفهم بالالحاح على فكرة انسداد الأمل فيما هو قائم والتأكيد على أن الحكم الراهن فى مصر لا يرجى منه أى خير. الأمر الذى يستخلص منه المتلقى أنه لم يعد هناك بديل عن التخلص منه لإزالة العقبة التى تحول دون تحقيق الثورة لأهدافها. فالصورة التى تقدم إلى المواطن المصرى تتلخص فى ان الرئيس مرسى عضو فى التنظيم السرى للإخوان، وانه منذ تسلم السلطة فانه نذر نفسه لخدمة جماعته وتحقيق أهدافها، وأنه لا يتخذ قرارا ولا يصدر قانونا إلا بمعرفة ومباركة مكتب الإرشاد. ولهذا السبب ولأسباب أخرى: فإننا لن نرى استفتاء نزيها ولن نرى انتخابات نزيهة فى عهد هذا الرئيس وجماعته. وهذا الكلام ليس من عندى ولكنه منقول نصا عن تعليق لأحد الزملاء، احتل مكانه على الصفحة الأولى يوم الأحد الماضى 14/10. وذلك ليس رأيا شخصيا فحسب ولكنه يعكس أصواتا عالية تتبنى ذات الموقف الذى يبشر بانسداد الأفق والتيئيس مما هو قائم والترويج لفكرة سرقة الثورة، الأمر الذى يدعو ضمنا إلى الخلاص مما هو قائم وأحيانا يدعو علانية إلى ثورة ثانية. لعلى لا أبالغ إذا قلت إن جذور الموقف الإقصائى ظهرت فى الأفق إبان الفترة التى شكلت فيها لجنة تعديل الدستور فى شهر فبراير من العام الماضى، ذلك أن اللجنة هوجمت بشدة واتهمت بتحيزها للإخوان لمجرد أن فردا واحدا من الجماعة ضم إليها باقتراح من وزير العدل، فى حين أن بقية أعضاء اللجنة السبعة وهم من كبار رجال القانون وفقهائه ليسوا من أعضاء الجماعة. لكن الواحد المذكور ــ الأستاذ صبحى الصالح ــ اعتبر دليلا على «أخونة» اللجنة. وليس ذلك أغرب ما فى الأمر، لان الأغرب أن الوزارة التى كانت مشكلة آنذاك ضمت ثلاثة من الوفديين وواحدا من حزب التجمع، كما أن نائب رئيس الوزراء كان عضوا بارزا فى الحزب الديمقراطى الاجتماعى، ومع ذلك فان أحدا لم يتحدث عن تسييس تشكيل الحكومة. وبدا الأمر مسكونا بمفارقة غير بريئة. فالعضو الواحد فى اللجنة لوثها وأثار حولها الشكوك. لكن وجود الحزبيين الخمسة فى الوزارة لم يضفوا أى لون لها. ولا  تفسير لذلك سوى ان النخبة عالية الصوت فى مصر اعتبرت ان وجود العضو الإخوانى خطأ جسيما وشذوذا ما كان للنظام الجديد أن يتورط فيه. وهو ما ينطبق عليه مضمون بيت الشعر الذى ينسب إلى أحد شعراء الأندلس وقال فيه: إن قلت ما أذنبت قلت مجيبة   وجودك ذنب لا يقاس به ذنب الرسالة التى أراد صاحبنا إيصالها هى أنه نفى لمحبوبته انه اقترف أى ذنب أو أخطأ فى حقها، لكنها ردت عليه قائلة ان المشكلة لا تكمن فى ذنب ارتكبه، لكنها تكمن فى مبدأ وجوده فى العالم. هذا الاعتراض على مجرد الوجود على خرائط الواقع هو الذى يثير حساسية وقلق البعض ممن يروجون ليل نهار لما يعتبرونه كارثة الأخونة (الحكومة الإخوانية يرأسها مسئول من غير الإخوان وتضم 30 من خارج الجماعة، وخمسة فقط من الإخوان. والمحافظون أربعة من الجماعة و23 من غير الإخوان، والسفراء ليس فيهم واحد من الجماعة) ــ حين يستعرض المرء بقية القوائم سيخرج بنفس النتيجة، وهى ان المشكلة لدى البعض أن الإخوان وجدوا بنسب متواضعة فى بعض المواقع. وهذا الوجود يستخدم فى التخويف من استيلاء الإخوان على «كل مفاصل الدولة»، كما عبر أكثر من واحد من السياسيين والكتاب. تطول قائمة القرائن والشواهد الدالة على أن الرغبة فى التوافق لم تتوفر بعد لدى أغلب القوى السياسية فى مصر، وإن كان ذلك لا يمنع من أن بعض ذوى النوايا الطيبة كانت لهم جهود فردية لم تثمر لتحقيق التوافق المنشود. ما يثير الانتباه فى هذا السياق أمران، أولهما أن معسكر الاقصاء والاستئصال أصبح يضم شريحة واسعة من العلمانيين والليبراليين وعناصر الثورة المضادة، والفلول الذين يلقى بعضهم تعاطفا ودعما من بعض الأطراف العربية. الثانى أن فريقا من هؤلاء يحاول إقامة قاعدة لهم فى الخارج لإدارة الاشتباك وتوسيع دائرته. والشخصية الفاعلة فى هذا المسعى رجل أمن فلسطينى سابق له اتصالاته مع بعض السياسيين والإعلاميين. وقد توسط فى شراء إحدى الصحف الناطقة بالعربية فى لندن. وبصدد إنشاء قناة تليفزيونية، ومركز للدراسات رشح له «استراتيجى» مصرى ــ إن التدبير المعد أوسع وأخطر مما يبدو على السطح. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لسنا جاهزين للوفاق لسنا جاهزين للوفاق



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 09:00 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 13:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 03:35 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الكركم المهمة لعلاج الالتهابات وقرحة المعدة

GMT 02:36 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

فعاليات مميزة لهيئة الرياضة في موسم جدة

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

نجل أبو تريكة يسجل هدفا رائعا

GMT 12:42 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات جبس حديثه تضفي الفخامة على منزلك

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجموعة Boutique Christina الجديدة لموسم شتاء 2018

GMT 11:46 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

الذرة المشوية تسلية وصحة حلوة اعرف فوائدها على صحتك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon