توقيت القاهرة المحلي 05:46:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصير تركيبة 30 يونيو

  مصر اليوم -

مصير تركيبة 30 يونيو

وائل عبد الفتاح

‎سأعود إلى الخلف قليلا. ‎إلى ساعات قبل «الفض». ‎لماذا استحوذ اعتصام «رابعة» كل هذه المساحة من انشغال الدولة والمجتمع؟ ‎لماذا كانت طريقة «الفض» هى الترمومتر الكاشف لتركيبة الحكم بعد 30 يونيو؟ ‎وإلى أى حد استخدم الاعتصام من جميع الأطراف فى إطار صراع على السلطة (بين الإخوان والدولة القديمة)، كلاهما أراد أن يحوّل الإرادة الشعبية إلى مجرد أداة فاعلة أو معطلة فى إطار تبادل السلطة أو اقتسامها؟ ‎هذه الأسئلة ضرورية الآن على الرغم من «الفض» أو بسببه. ‎أين قيادات الإخوان؟ وكيف تعجز الشرطة عن القبض عليهم رغم قتل 600 تقريبا «أغلبهم من الإخوان وبينهم عدد غير قليل من الضباط والجنود»؟ ‎هذه القيادات صنعت من رابعة «مستعمرة المجاهدين - أرض الملائكة - آخر قبيلة مدافعة عن الإسلام»، وجهزت جمهورها لانتظار عودة المرسى.. وقبل دقائق من «الفض» كان الجمهور يرى أنه سيعود من غيبته / هناك حيث لا يعلم أين هو. يجلس فى عنبر طويل بالبدلة الرياضية (حرص أن تكون ماركة عالمية). يقيم أيامه معذبًا بتليفزيون الحكومة منتظرًا قناة «الجزيرة»، وتعليمات مكتب الإرشاد. إنه المرسى فى لحظات تجليه اختفت ملامحه -الفاشلة، التابعة لقرارات مكتب الإرشاد- وبقى أيقونة المظلومية الجديدة لجماعة لم يعد لديها إلا الإقامة بين خيال الانتظار السحرى/ أو بين اللعب على جسر المفاوضات الخطر للعودة إلى السلطة/ أو الموت فى سبيل «بقاء الجماعة». ‎ستبقى الجماعة بمظلوميتها، وبانتظار مرسى بتعويذة «الشرعية» التى تدوخ المقيمين فى رابعة العدوية، وتدفعهم إلى هز الرؤوس. ‎خيال موت، وقداسة قاتلة. ‎كانت أسراب الأطفال تمر بأكفانهم. ويوزعون صكوك الجنة من على المنصة. مشاريع «شهداء» ليحفظ قادة الجماعة مكانهم ومميزاتهم فى السجن وخارجه. ‎فى رابعة معسكر حرب الإخوان على المجتمع لاستعادة السلطة/ أو لبناء التنظيم عبر خطة يقودها «مجلس حرب» واجِهته البلتاجى/ العريان/ وأحيانا صفوت حجازى.. وعماده مجموعة إدارية قدمت تقريرًا قبل 30 يونيو ينصح بالتنازل/ والاستفتاء لعبور الموجة العالية. ‎خيرت الشاطر أطاح بالتقرير وأكمل خطته فى العناد الأبدى/ ربما لأنه يعرف أن الحل أمام الجماعة: إما السلطة وإما المظلومية.. أو لأن الشهوة تملكته ليصبح «خليفة» خلف الرئيس/ رجل غامض يحرك الأحداث من موقعه المُتخيل. ‎الجماعة تصارع عدوها القديم عبر هذا الجمهور فى وضع يتعامل كما لو لم تتغير توازنات القوى فى مصر، كما لو كانت الحرب ما زالت مع «الدولة الأمنية». ‎مجلس الحرب ومثل كل قادة الفاشية كانوا يشحنون جمهورًا من البائسين/ اليائسين لعمليات شبه انتحارية لنشر الفوضى والفزع وتوجيه رسالة لخصتها من قبل: إما أن نعود إلى الشراكة فى الحكم... وإما سنفسد حياتكم ولو بموتنا. ‎وأمام هذه الخطة المنظمة كانت فرص السياسة تتقلص وتتصاعد الشرطة لتحريك ماكينة القتل وارتكاب مذابح تهدف إلى شق التحالف الاجتماعى والسياسى الواسع/ أو تهدف إلى توريط الشركاء المدنيين فى الدم. ‎هذه شرطة لم تتدرب إلا على استغلال مشاعر الرعب عند المجتمع لتوسيع نطاق سلطتها والتضحية حتى بكوادرها فى مواجهة مع انتحاريين. ‎الاستغلال لمشاعر الرعب من الجانبين (الدولة الأمنية وعصابة الإجرام فى رابعة) يبدو طريقًا ممهدًا للقبول بأى استبداد/ قمع/ ديكتاتورية لإنهاء الوضع المفزع، الذى يبدو بلا نهاية. ‎هنا لا يمكن التغافل عن الوضع الذى جعل المرسى منتظرًا. رغم أنه فى مكان لا يعرفه. وفى مدينة وقفت ضده. أعلنت العداء مع القادم من الأرياف بالسمع والطاعة ليُحكم قبضة جماعته. ‎مرسى غادر مقره المؤقت/ خارج قصر الاتحادية إلى مقر الحرس الجمهورى قبل 30 يونيو بليلتين/ وهناك حاول أن يقيم مسرحًا استعراضيًّا جديدًا، ولم يدرك أنه خارج السيطرة. مقيدًا فى زنزانة لا يرى قضبانها/ وعندما حان الوقت أشار الضابط إليه والجوقة المحيطة به: سلموا تليفوناتكم المحمولة. ‎ساعتها فقط دخل الغرفة المغلقة/ المحبس الانتقالى قبل أن يخطف سريعًا قبل هجوم الجماعة لتحريره فى مقر الحرس الجمهورى، ساعتها هرب مرسى (الذى كان حتى وصوله قصر الاتحادية مجرد قيادة منفذة/ احتياطية/ استبن). الهروب كان تحت وابل من الرصاص قتل 50 أو أكثر ليصل إلى عنبره المحشور بالأجهزة الحديثة، بماركاتها العالمية، منتظرا ظهور علامة أو شفرة، ويطلب فقط: فك سجن الشاطر ليعرف الطريق إلى عودته. ‎هم ينتظرون من ينتظر التعليمات. ‎إنه ذلك الجمهور البائس الذى يثير الآن رعب المدينة وساديتها التاريخية فى آن واحد. هنا ننتقل إلى أسئلة ما بعد «الفض»: ‎ماذا كان دور الشريك المدنى فى الوصول إلى هذه الحالة؟ وما سر انسحاب البرادعى؟ ‎وهل كان يجب أن يبقى فى تركيبة الحكم ليمنح ترخيصًا للفض الدموى؟ ‎وهل فعل البرادعى ما يجعل موقفه أقوى وأكثر فعالية من مجرد «تسجيل موقف أخلاقى»؟ ‎هل استوعب البرادعى الانتقال من موقع المعارضة إلى السلطة؟ وهل استنفد أساليب بناء موقف سياسى لا يترك تركيبة الحكم عارية فى مواجهة الدولة الأمنية؟ ‎وهل كان البرادعى بمفرده فى تركيبة ما بعد 30 يونيو أم كان ممثلًا/ مفوضًا من تحالف سياسى اعتمد عليه فى «تسييس» السلطة، لكى لا تقع أسيرة الدولة الأمنية ورغبتها فى إعادة ترميم كيانها؟ ‎الإجابة عن الأسئلة لا تخص موقف البرادعى وبالتالى لا تنشغل بجوقة الاتهامات له بالخيانة والعمالة/ وهى جوقة صوتها أقبح مما نحتمل. ‎كما أن أصوات الدفاع عن البرادعى باعتباره «أيقونة الثورة» لا مجال لرومانتكيتها فى إطار تقييم ما حدث. ‎مرة أخرى التفكير لا يخص البرادعى قدر ما يعتنى بمستقبل تركيبة 30 يونيو ومصير مصر فى لحظتها المعقدة. نقلًا عن جريدة "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصير تركيبة 30 يونيو مصير تركيبة 30 يونيو



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon