عماد الدين أديب
علينا أن نفهم قواعد التوازنات والتحالفات السياسية كما يفهمها العالم وليس كما نفهمها نحن.
فى العالم كله استقر الرأى على أنه فى علم السياسة، وفى تجربتها الإنسانية لا توجد تحالفات دائمة ولا توجد عداوات دائمة ولكن توجد -فقط- حركة مصالح. وأكثر من يفهم هذه اللغة فى منطقتنا العربية بحكم التجارب التاريخية هو لبنان.
فى لبنان توجد 21 طائفة تمثل 3 ديانات وأكثر من 60 حزباً سياسياً، ورغم الحروب الأهلية والتوترات المستمرة والمال السياسى الذى لم ينقطع عن البلاد منذ عام 1943، فإن الجميع فى النهاية وجد صيغة للتعايش المشترك.
ومنذ ساعات تم تسريب معلومات عن كتلة «المستقبل» التى يتزعمها سعد الحريرى بأن الأخير لا يمانع ترشيح خصمه التقليدى ميشيل عون.
وكان الجنرال ميشيل عون هو الخصم السياسى الدائم العداء لكتلة الحريرى الأب ثم الحريرى الابن، بحكم قرب علاقاته مع سوريا وإيران وتحالفه التقليدى مع حزب الله اللبنانى.
وبهذا الدعم السياسى ينفتح الباب على مصراعيه أمام «الجنرال» كى يحقق حلمه فى الترشح رسمياً للرئاسة هذا العام ودخول قصر «بعبدا».
ما الذى تغير فى المعادلة السياسية حتى يأخذ سعد الحريرى هذا الموقف؟
هل تغيرت تحالفات خصمه السياسى؟
الإجابة لا، لكنها لعبة السياسة اللبنانية التى لا تعترف بصدامات دائمة أو مصالح دائمة.
وبناءً عليه شرب الاثنان الدواء المر وتقابلا منذ شهر فى باريس واتفقا على خطوط الاتفاق وخطوط الاختلاف، وبحثا عن المصلحة المشتركة لهما فى هذا الظرف التاريخى وهذا التوقيت الذى يأتى فيه الاستحقاق الرئاسى لاختيار رئيس جديد للبنان.
فى مصر الحالة مختلفة تماماً، يصبح الجميع ويمسون كل يوم على اجترار العداء التقليدى والتحالفات التقليدية بصرف النظر عن البحث فى إيجابيات المصالح المشتركة.
ولم يخطئ «تشرشل» حينما قال «إنى على استعداد للتحالف مع الشيطان من أجل مصلحة بلادى!».