عماد الدين أديب
لا يوجد عندنا شىء فى المجتمع المصرى ولا فى النخبة المصرية اسمه احترام الخصوصية!
والخصوصية تُنتهك فى مصر تحت باب حرية الإعلام، وتُنتهك داخل الصراعات السياسية من قبيل تصفية الحسابات والثأر الشخصى والانتقام السياسى!
فى فرنسا، وفى عهد الرئيس الفرنسى فرانسوا ميتران الذى ظل يحكم لمدة 12 سنة معبراً عن التيار الاشتراكى اليسارى والذى انتزع الحكم بانتخابات رئاسية من اليمين والوسط الفرنسى؛ كان هناك احترام مقدس للسر الكبير الذى يحتفظ به لسنوات طويلة.
كان سر ميتران هو أن لديه صديقة دائمة بجانب ارتباطه بزوجته، وكانت هذه الصديقة هى محور حياته وكاتمة أسراره.
وقرر ميتران أن يحتفظ بزوجته وبرفيقة عمره فى آن واحد، وأسفرت علاقته برفيقته عن ابنة غير شرعية لمدة 25 عاماً.
كان الجميع، وأقصد بذلك الجميع، يعرف سر هذه العلاقة، وكانت المعارضة وصحفها ووسائل إعلامها ودعايتها تعرف هذا السر، لكنها لم تستخدمه يوماً ضد الرجل فى أحلك الأوقات وأشرس المعارك معه.
وفى جنازة ميتران ظهرت ابنته فى الصلاة على جثمانه وتعاملت وسائل الإعلام مع الحدث باحترام لجلال الموت.
أما فى مصر فنحن نضرب خصومنا تحت الحزام فى خصوصيتهم، بل ونختلق قصصاً حول أقرب الناس إليهم؛ الأب، الأم، الإخوة، الزوجة، الزوج، الأصدقاء، بالحق والباطل.
لدينا قانون غير أخلاقى يقوم على مبدأ «إن خاصمت فافجر، وإن ناصبت أحداً العداء فاذبحه دون ذكر اسم الله»!
انظروا إلى دردشات الفيس بوك فى مصر، أو أخبار بعض المواقع الصفراء على شبكة الإنترنت.
أخطر ما فى هذه الحالة هى أنه إذا كان الجميع سيئاً للغاية فمن هو النظيف؟
وإذا كان الجميع بلا ضمير فمن هو صاحب الأخلاق؟ وإذا كان الجميع لصوصاً فمن هو الشريف؟ وإذا كان الجميع فى حالة انحطاط فمن هو النجم؟ وإذا كان الجميع بهذا التدهور فمن هو المثل الأعلى؟
إذا دمر الجميع الجميع فمن سيطفو على السطح ليقود البلاد والعباد؟
نقلاً عن "الوطن"