توقيت القاهرة المحلي 01:52:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ديكتاتور صنعه الهوس

  مصر اليوم -

ديكتاتور صنعه الهوس

وائل عبد الفتاح

■ «ملحوظة قبل القراءة: الكاتب عندما يدفع إلى حرب مع البرد... سيكون أحد احتمالاته البحث فى أوراقه القديمة.. وهذا المقال من قديمه... الحقيقة ليس قديما جدا». الديكتاتور من سردابه، ما زال مثيرا، ما زال يقاوم اختفاءً تلو اختفاء، ظهرت جثته على مراحل، صورها لم تكن مؤكدة أبدا، فالقذافى سرمدى، مثل الحاكم بأمر الله عندما اختفى فى عز الدولة الفاطمية، ولا تزال طائفة كاملة تنتظر عودته. الحاكم بأمره اختفى، لا يمكن التأكد من أنه اختفاء أخير، الطائفة المنتظرة تمنحه حياة جديدة، توقظ الماضى المرتبك حين كان الديكتاتور دوا للاستعمار، والإمبريالية، والعدو الأجنبى، وبعد أن أصبح أخطر من كل هؤلاء، وتحالف مع كل هؤلاء، ما زال هناك من يرى موته، والثورة، والتخلص من الحكام بأمرهم جميعا، مؤامرة. جثة القذافى طافت من الفضائيات إلى السوق التجارية، ملايين عاشوا تحت رحمته تسابقوا على شراء النظرة الأخيرة، وملايين اشتروا بضاعته وما زالوا فى صدمة عدم التصديق، الرحيل مؤامرة، والاستمرار مؤامرة. القذافى تركها صحراء، أراد الاختفاء بين متاهاتها، وصنع أسطورته بعد ٤٢ سنة من «ثورته»... إنها ثورة جديدة... تستحق الاحتفال بقدرات الشعوب المكسورة فى خلخلة الديكتاتور.. ولو كان بكل هذا العنف والوحشية والكوميديا. كوميديا الخروج من التاريخ... كانت أحد أسلحة القذافى. كيف تواجه ديكتاتورا بكاريزما الجنون الكامل.. كيف تواجه قاتلا يضحكك؟ «العقيد» تحدى الزمن وصنع له وللثورة حضورا سرمديا لا ينتهى بمهمة ولا يتحدد بمناصب فهو ليس رئيسا... كما أن دولته لا تخضع للتوصيفات المتعارف عليها، لا هى ملكية ولا جمهورية هى «جماهيرية» التى حكمت بالكتاب الأخضر.. أو «النظرية العالمية الثالثة» التى كانت خلطة من أفكار قومية وإنسانوية ومثالية. يتعالى العقيد فوق اليومى، لكنه غارق فى اليومى عبر شبكة «اللجان الثورية» التى سلمها الحكم الفعلى باعتبارها أداة الثورة الدائمة.. التعالى الذى يتيح للقذافى أن يدير ليبيا ولا يديرها فى نفس الوقت.. حسب نظريته التى قيل كثيرا إن عددا من المفكرين العرب المشهورين شاركوا فى صياغتها وتدبيجها لتصبح شبها لوحى نبوة لا نظرية سياسية. أسطورة القذافى تفوق الحاكم بأمر الله، وتصنع استلابها الخاص جدا، كيف يمكن التخلص من ديكتاتور برعاية غربية، وهو المحمى من الغرب المعادى له؟ كيف يترك الغرب ليبيا للإسلاميين، الناجين من مذبحة أودت بالبلاد كلها إلى متاهات صحراوية؟ من سيخرج من السراديب غير القذافى، أو بعده؟ لكان يهندس خطة هروبه عبر هذه الحفر؟ هل حفرها قبل صدام أم أنها هندسة الديكتاتور الخالدة؟ الديكتاتور صنع الدولة على مقاسه، وجثته الآن فى السوق التجارية، معروضة لمن يقدر أكثر على الانتقام. والسرداب لم يطل عمر الديكتاتور لكنه أرسل رسالة إلى الحكام بأمرهم أو المنتظرين لأساطير تعيد الماضى بعد أفوله، الرسالة تقول: النهاية قريبة ما دمت صنعت بينك وبين شعبك دما وعليت أسوارا بينهم وبين الزمن. القذافى مبعوث من خارج الزمن ينطلق إلى زمنه الخاص، مثير لرعب المتحصنين بقلاع الخطابات المناهضة لإمبريالية هم مندوبوها فى قهر الشعوب. ■ ملحوظة بعد القراءة... أسقطت من المقال جملة أخيرة كانت تقول.... «ها هم العرب يعبرون إلى التاريخ دون أساطيرهم القديمة على ما يبدو...» لماذا أسقطتها؟ لأنه على ما يبدو أن العرب لم يسقطوا أساطيرهم/ خرافاتهم بعد. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديكتاتور صنعه الهوس ديكتاتور صنعه الهوس



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon