عماد الدين أديب
يظل الأستاذ وحيد حامد، صاحب أكبر رؤية نبوءة فى السينما المصرية، وأعمق كاتب عاش عمق تجربة هذا الوطن.
لم تكن مصادفة أن يشير إلى صراع سلطة الأمن مع سلطة القانون فى طائر الليل الحزين، ولم تكن مصادفة أن حذر من سلطة المال وسطوته فى مواجهة سلطة القضاء، وكان أول من حذر من مخاطر تسرب التطرف للعائلة المصرية فى «دم الغزال»، وأول من حذرنا مراراً وتكراراً من مخاطر الإخوان فى «اللعب مع الكبار» و«طيور الظلام» و«عمارة يعقوبيان».
وجاء عمله الأروع فى البحث والفن والإبداع وهو مسلسل «الجماعة»، الذى قدم فيه توثيقاً بديعا لرحلة حسن البنا، من الأسرة إلى النشأة إلى الدراسة الأولية ثم الجامعية، وتطور الجماعة من جماعة «الأخلاق الحميدة» إلى تنظيم الإخوان الدعوى، وصولاً إلى مرحلة التنظيم الخاص.
وشجاعة وحيد حامد غير مسبوقة، فالرجل عاش حياته فى عهود السادات ومبارك والإخوان، حاملاً كفنه على كتفه، يدافع عن حق التعبير والإبداع، فى ظل صراعات غير مسبوقة مع أجهزة الرقابة على المصنفات فى السينما وفى جهاز التليفزيون الحكومى.
والعم وحيد يعيش مهموماً بكل صغيرة وكبيرة من هموم الوطن، تؤلمه صعوبة الحصول على لقمة العيش، ويزعجه فساد نظام التعليم، ويؤرقه عدم سيادة القانون وتقتله ليل نهار سطوة الفكر الدينى المتخلف الذى يسعى لاختطاف العقل الجمعى لمصر المدنية.
يقرأ العم وحيد يومياً كل سطر فى صحف مصر، ويجلس بالساعات أمام برامج «التوك شو» ويعقد جلسات يومية صباح مساء مع كل صاحب فكر، ويعيش كل هذه التجارب بكل حواسه وجوارحه.
هذا الالتحام بين العام والخاص، وبين حال الوطن وحال العم وحيد، جعل الرجل يدفع ضريبة باهظة من صحته ونفسيته.
وكلما ازداد حال الوطن توتراً، ارتفع مؤشر التوتر والغليان داخل نفس العم وحيد، مما أدى إلى أن قلب الرجل أصبح يتعرض بشكل غير عادى لأزمات صحية.
العم وحيد حامد هو «ضمير متحرك» و«ضمير نابض» و«ضمير مبدع» يعيش بيننا، ويملأ الدنيا رؤية وحكمة ونبوءة وبشارة، من خلال أعماله الدرامية الرائعة.
حبيبنا العم وحيد، سلامة قلبك، وبارك الله لنا فيك، لأن مصر اليوم بحاجة ماسة إلى إبداعاتك وإبداعات كبار مفكريها.
واسمح لى أن أقبل رأسك على الورق، حتى نلتقى بإذن الله.
نقلاً عن "الوطن"