عماد الدين أديب
فقدت جماعة الإخوان دعويتها، ووصلت إلى حالة العنف المسلح بهدف الإرهاب والترويع!
وفى هذا المجال، هناك مدرستان من الفكر، مدرسة تؤمن بأن فكر مؤسس الجماعة الأستاذ حسن البنا كان إرهابياً باطنياً يخفى خلف الدعوة رغبة شريرة فى الوصول إلى الحكم عبر العمل الاجتماعى، وتحت مظلة شعارات إسلامية تستخدم العنف والاغتيالات والإرهاب كتنظيم سرى.
أما المدرسة الثانية، فهى تحسن الظن بالجماعة، وتعتقد أن الأستاذ حسن البنا بدأ بفكرة أخلاقية بدائية تهدف إلى إقامة مجتمع إسلامى عبر الدعوة السلمية والعمل الاجتماعى المؤثر داخل قرى ونجوع مصر، ولكن حدثت ظروف وأخطاء وخطايا، أدت إلى تحول الجماعة إلى العنف.
إذن، نحن أمام مدرسة تؤمن بأن الجماعة شريرة وإرهابية منذ لحظة ميلادها، ومدرسة أخرى تعتقد أن الجماعة الدعوية انحرفت وأصبحت إرهابية.
المؤكد أن «البنا» بدأ فكرته وهو صبى فى المدرسة بأول جماعة له باسم جماعة «الأخلاق الحميدة»، وكانت تدعو إلى تعميق فكرة الخلق الإسلامى فى المجتمع ومحاولة إعادة المجتمع المسلم إلى صفائه وأخلاقياته.
والأمر المؤكد أن الجماعة ظلت دائماً لا تسعى لأن تكون «جماعة من المسلمين»، لكنها سعت دائماً وأبداً لأن تكون «جماعة المسلمين»، والفارق الجوهرى بين الحالتين هائل ومخيف.
«جماعة من المسلمين» تعنى أن جماعة الإخوان هى «جزء» من «كل»، يحتوى أطيافاً وأشكالاً مختلفة، قد تكون دينية أو علمانية، قد تكون مسلمة أو غير مسلمة.
أما اعتبار قادة جماعة الإخوان أنفسهم بأنهم «جماعة المسلمين»، فهذا يعنى أنهم اعتبروا أنفسهم أصحاب الامتياز الحصرى للإسلام، والسياسة الذين يحق لهم، ولهم وحدهم، الحكم والتشريع، وأن غيرهم هو الآخر الخارج على الدين والملة.
إن اعتبار قادة الجماعة لأنفسهم بأنهم «جماعة المسلمين»، يعنى أنهم يرون أنهم «الفرقة الناجية» التى يحق لها وحدها دون سواها أن تقود وتحكم المجتمع كخطوة أولى، حتى الوصول إلى مرحلة «الأستاذية» لسيادة العالم ككل!
الآن، انتهت الجماعة الدعوية، وانتهت فكرة الجماعة الناجية، بل أصبحت للأسف الشديد الجماعة الحاملة للسلاح والداعية إلى العنف، الهالكة والمهلكة لنفسها.
إنه فصل أخير فى كتاب مؤلم ومحزن.
نقلاً عن "الوطن"