توقيت القاهرة المحلي 07:10:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا فرحت لشيكابالا؟

  مصر اليوم -

لماذا فرحت لشيكابالا

وائل عبد الفتاح

فرحت لشيكابالا... لا لأن كأس مصر بطولة كبيرة/ ولا لأن الزمالك حصل على بطولة ليكسر ملل الأهلى/ فريقى المفضَّل لكن انتصاره الدائم يصيب بالجمود... لكن فرحى لشيكابالا.. وجمهور الزمالك... المغرم بفريق رغم خسارته/ إنه نوع من غرام صعب... هذا الجمهور المفتون بـ«تيشرت العمر الأبيض»... كما كتب عمرو حسين قبل أن يقتله حراس الفساد فى النادى... ... نعم، الغرام لا يُحسَب بالمكسب... لكن من حق شيكابالا/ المستفِزّ لأخلاقيات جمور يهتف ضده بكل ما لديه من عنصرية/ ويعتبره لاعبًا قليل الأدب… لأنه يردّ على العنصرية باستعلاء... فرحت دون سبب... رغم سائق التاكسى الأهلاوى الذى فرح للزمالك بمنطق «أى فرحة يا باشا حتى للى مابتحبوش… الفرح عزيز الأيام دى»، هذا السائق لم ينسَ حكمه الأخلاقى عندما قلت له إننى فرحت من أجل شيكابالا... فكان رده جاهزًا فى سقف حلقه: «... بس انا ماباحبوش»... كدت أقول له ما كتبته قبل سنوات عن شيكا... الذى تقهره كل لحظة هتافات عدائية بسبب لونه/ ومن جمهور يستورد حتى الاستعلاء الأشقر دون ملامح شقراء... شيكابالا يعيش غربة كاشفة فى الملعب. غربة المواهب الكبيرة، فى لحظة تعبد الميديوكر، وتحوله إلى نجم نجوم، ما دام قابلا للتنميط، والدخول فى علب جاهزة، للتوزيع كسلعة مأمونة. اسمه الرسمى محمود عبد الرازق، من قرية بالقرب من أسوان، مدينة الجنوب الساحرة، ورغم عجينتها الهادئة، فإن شيكابالا مثل اسم شهرته، مجنون، لا يشير إلى شىء تقليدى، أو يخضع لمسطرة يمكن القياس عليها، هو شيطان وملاك جمهور كرة القدم، منقذ نادى الزمالك ولعنته.. لا يصلح قدوة مثل أبو تريكة، أو نموذج للمشاغبة الحادة مثل أحمد حسام (ميدو). يغضب، يفور، يخرج عن حدود الانفعالات المعروفة فى الملاعب، يخترق حاجز الأدب المعتاد، ويطير كطائر النار، يحرق ما بينه وبين جمهور يحفظ نجومه فى ثلاجة الملائكة.. و يقدّر نفاقهم الاجتماعى أكثر من موهبتهم. نفس الجمهور يطير سعادة، عندما يحول شيكابالا المستحيل إلى شىء عادى، تتحول المدرجات إلى تراتيل فتنة، ويبدو الفتى الأسمر بالقوة الساحرة المنطلقة من قدمه اليسرى، رسول متعة لا يمكن تفاديها لحظة الغضب على شيكابالا. هو موهبة لا تتحملها توافقات مصر، فى عصر قام كله على تقديس المتوسط. الوسط له قيمة وتقدير، والنجاح للمتوسط والأقل كفاءة، لا إبداعات خارقة، ولا خروج عن حدود يرسمها متوسط الموهبة، أنبياء عصر مبارك، ونجومه، والقادرين على صنع سبيكة تجعل الطيران تحت الرادار ممكنًا كل هذه السنوات الطويلة. يقف شيكابالا غريبًا فى الملعب، غربته مع الجميع، فريقه: الزمالك، والمنتخب: فى لحظات الرضا القليل عنه، شيكابالا غريب عن المزاج العامّ. مصر ليست الأرجنتين التى جعلت مارادونا أيقونتها، المنفلتة، المجنونة، الخارقة للعادة. البرازيل رغم فتنتها الكروية، ارتضت بالساحر الطيب بيليه، المتوافق، الصاعد على مسطرة الأخلاق العامة. مصر لا تستوعب شيكابالا، ترضى فقط بمن يقصون الأجنحة، ويدورون برؤوسهم فى حلقات ذكر، ودروشة تكرر المألوف، وتخاف التجربة والإبداع، باسم الاستقرار، ومصر بلد الاعتدال والوسط، هكذا تتوه الموهبة الكبيرة، يحاصرها السياق الضيق، الذى يستوعب جيوشًا من المنافقين ولا يقدر على تحمُّل موهبة واحدة خارج النمط، تفتح سياقًا آخَر. وُلد شيكابالا فى الملاعب غريبًا، وسيرحل غريبًا، بعد أن يترك سحره علامات على لحظة لا تستوعب موهوبيها، وتمنح نفسها كاملة للأنصاف والمتوسطين. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا فرحت لشيكابالا لماذا فرحت لشيكابالا



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon