توقيت القاهرة المحلي 10:02:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

للتذكرة: الشيخوخة ما زالت حاكمة

  مصر اليوم -

للتذكرة الشيخوخة ما زالت حاكمة

وائل عبد الفتاح

لم يكن لديهم شىء سوى استعراض القوى. سلاحف لم تعرف الحياة إلا فى عمر الشيخوخة. لم يكن لديهم سوى إظهار السيطرة، والأنياب الاصطناعية، المغروسة. لا تظهر منهم سوى الأنياب. هكذا يبدو ورثة مبارك، الذى عاش خلف سدود عالية من الأمن رغم أن صورته «تلقائى»، «عفوى»، «ابن بلد»، ظلت السدود تعلو كلما توغل فى العمر، وبدا أنه يبدأ حياته بعد الستين، وانتقلت نفسيته من موقع التواضع أو الموظف دون كاريزمته، إلى صورة ترسمها الشيخوخة للحكام من رئيس الجمهورية إلى رئيس المؤسسة.. صورة آلهة فرعونية يبدو الإنسان العادى فى مواجهتها «قزما»، لا تكاد العين المجردة تلتقطه. الشيخوخة لا تملك معدتها الرهيبة أدوات الهضم، وكلما ابتلعت شيئا زادت ضخامتها. هكذا تضخمت صور المسؤولين فى نظام مبارك لتصبح رموزا تجريدية لا تشير إلى أشخاص بعينهم قدر ما تشير إلى كيان ضخم. ماكينة ابتلاع من الصعب إيجاد بديل لها أو إعادة تصنيعها من جديد. لهذا سقط مبارك بثورة الشباب.. ولا شىء آخر. سقط بعد سنوات من ترويض الشباب، وامتصاص طاقته الحيوية باليأس والإحباط، والرعب، ليس لدى الرئيس العجوز إلا مزيدا من إظهار القوة المفرطة، وإثارة الرعب هنا هى أورجازم السلطة الشاعرة بجبروتها وعجزها فى نفس الوقت عن العودة بالحياة إلى البداية. اليوم الشباب هنا بروحه الفوضوية، الهادرة، يجتاح شيخوخة ما زالت تغرس أظافرها وأنيابها. تبدو السلاحف أقل قوة من التمساح، لكن الشباب يشحنون الطاقة بالروح التى رتبت وجودها فى ميدان التحرير. الشيخوخة ما زالت تحاول فرض قبضتها، ورغم هشاشة القوة، فإنها تحرق جزءا كبيرا من الطاقة الشابة، تحرقها فى مقاومة، ودفاع عن الأرض التى ربحتها. ربيع الشباب تلاحقه شيخوخة، تبتسم بالطيبة ذاتها التى يعلن فيها التمساح انتصاره، ويحوله إلى مهمة مقدسة. الشيخوخة ترى انتصارها إنقاذا. والشباب يفتح أبواب خيال محبوس بين أسوار توازنات من صنع الشيخوخة. السلاحف تزحف ببطء، يثير الشفقة والغضب. والروح فى قلب الميدان تلهث مبتسمة بأنها ما زالت تتحول فى المدينة. ما زالت تترك علاماتها الصغيرة على جدران أحرقها التمساح والسلاحف فى أثناء دفاعهم الأخير عن مواقعهم. المدينة قلقة تخرج أمراضها، بلطجية يحملون السيوف، يشربون البيرة ويهتفون إسلامية إسلامية، ثورة بلطجية يتسللون من جحورهم فى قلب المدينة، صديد مدينة تحكمها الشيخوخة وتنظر من شرفتها لتقول للمطاردين فى الشوارع، الباحثين عن بقعة أمان، برئاتهم المجروحة بالغازات، الخائفة من طلقة مقصودة، أو عابرة، الأسلحة البيضاء والسوداء تلهو فى فضاء مشحون، وشوارع كأنها فى حرب، والشيخوخة تبتسم: أمنكم بين أنيابى. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للتذكرة الشيخوخة ما زالت حاكمة للتذكرة الشيخوخة ما زالت حاكمة



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon