عماد الدين أديب
أذيع على موقع اليوتيوب شريط فيديو مزعج للغاية لأحد قيادات «جبهة النصرة»، وهى إحدى فصائل المعارضة السورية المقاتلة ضد الجيش الرسمى السورى.
جاء فى هذا الشريط قيام رجل ملتحٍ يبدو أنه من قيادات جبهة النصرة يقوم بتحطيم تمثال للسيدة مريم العذراء، عليها السلام.
وبدا هذا الرجل الملتحى المعمم سعيداً، مزهواً بنفسه وهو يحطم تمثال السيدة مريم العذراء، التى كرمها القرآن الكريم وميزها عن كل نساء العالمين.
والحادث لا يمكن أن يمر هكذا دون الالتفات إليه، فهو يعكس نفسية مريضة لتيار يزداد انتشاراً فى سوريا وفى المنطقة العربية بشكل مطرد ومخيف ويبعث على القلق الشديد.
هذا التيار الذى يعلن انتماءه للفكر السلفى، وهذا الفكر منه برىء، لأن فكر السلف الصالح يقوم على التسامح والمودة واحترام الآخر بصرف النظر عن الدين أو المذهب أو الطبقة أو الثروة أو الموطن.
والفهم المغلوط لصحيح الدين هو آفة كل الشرور التى نحياها هذه الأيام وهى السبب الرئيسى فى الاحتقان والعنف والدماء التى تدمر مجتمعاتنا الآن.
إن هذا العقل التكفيرى الذى يرى فى الآخر المخالف له عدواً مبيناً يستحق القتل والإيذاء ويصبح ماله وعرضه وأملاكه مباحة مستحلة هو الذى سيوصل المنطقة العربية إلى حافة الهاوية.
نحن بحاجة ماسة إلى ثورة فى العقل قبل ثورة فى الشوارع والميادين.
نحن بحاجة إلى تنقية الفكر الدينى من الخزعبلات والأباطيل والضلالات التى تسيطر عليه وتدفع به إلى الخروج على الدولة والمجتمع والمنطق والدين.
نحن نعيش مرحلة يتم فيها إعادة إحياء سلوك «الخوارج» الذين خربوا فى المجتمع الإسلامى الأول وأدى إلى سطوة منطق تكفير الحاكم واللجوء إلى العنف والدماء تحت شعار الدين.
«الخوارج الجدد» فقدوا عقولهم وغاب عنهم العقل والمنطق والحكمة.
ومأساة هؤلاء أنهم يعتقدون أنهم ينصرون الله ورسوله ويحاربون أعداءهما الذين يقفون أمام بناء دولة الإسلام.
نحن أمام حالة نفسية مرضية جماعية مسلحة بالمال السياسى وصواريخ أرض - أرض ووسائل إلكترونية تدمر عقول الشباب المغرر به.
مرة أخرى نحن بحاجة إلى التعامل مع الأصل وليس الفرع، نحن بحاجة لمعالجة أصل الداء وهو العقل.
نقلاً عن "الوطن"