عماد الدين أديب
يقولون فى علم السياسة إنه يتوقع من صانع القرار دائماً أن يتحرك وفق نظرية الاحتمالات المختلفة.
وقد اتفق أساتذة علم المستقبليات على أن أى حدث زمنى حالى يمكن رسم صورته المقبلة من خلال 3 احتمالات: الأول هو الاحتمال الأفضل للتحقق، والثانى هو الاحتمال الأسوأ للتحقق، أما الثالث فهو احتمال استمرار ما هو قائم.
ويقول البروفيسور «هرمان كان» أستاذ علم المستقبليات الشهير: إن أى محاولة لرؤية مستقبل الواقع الحالى دون إخضاع هذا الواقع للاحتمالات الثلاثة، جميعها تؤدى إلى خلل فادح فى التحليل.
وأخطر ما فى الزمن الحالى الذى نحياه أننا نعيش تحت ظرف تاريخى دقيق وحساس، وهو «الزمن المؤقت» أو «الفترة الانتقالية»، وفى تلك الفترة تتصارع مشاعر الجماهير ما بين ارتفاع سقف الأحلام بشكل غير واقعى، أو انتظار ما لا يجىء أبداً، والشعور باليأس القاتل والمدمر.
ويتابع الناس أحوال البلاد فى شغف وترقب ومحاولة تلقف أى ظاهرة أو بادرة أو تطور يأخذهم إلى «الأمل المفرط» أو «اليأس المدمر».
كل ذلك قائم على الانطباعات والمشاعر وحدهما دون الارتكاز على وقائع ودلائل موضوعية يمكن البناء عليها.
وأخطر ما فى المرحلة الانتقالية هو ببساطة فشلها فى الانتقال الإيجابى من نقطة سلبية إلى نقطة أكثر إيجابية.
أخطر ما فى فترتنا الانتقالية الحالية هو سقوط حلم ثورة 30 يونيو ورغبة الجماهير الخارجة فى إقامة دولة مدنية عصرية حرة بعيدة عن الاستبداد، فى ظل نظام يحترم الحريات العامة والخاصة ويدعم العدالة الاجتماعية.
وتراهن جماعة الإخوان وأنصارها بقوة على فشل المرحلة الانتقالية تحت تأثير عمليات الترويع والإرهاب وتعطيل كل أوجه الحياة الطبيعية، والتعطيل والتجميد لكل إمكانيات التقدم والتطور فى حياة الناس.
غالبية الشعب المصرى تراهن الآن على نجاح الفترة الانتقالية فى انتخابات برلمانية وأخرى رئاسية ودستور جديد وبناء مؤسسات لدولة عصرية مدنية، وأقلية من الشعب المصرى تراهن على فشل المرحلة الانتقالية والعودة إلى مرحلة «الإخوان هى الحل».
وما بين الرهانين تعيش مصر حالة صراع فيه شد وجذب ما بين طرفين قسّما الوطن إلى حالة انقسام رأسى وأفقى غير مسبوقة فى تاريخ مصر.
لذلك كله يصبح التحدى كيف يمكن أن تنجح الفترة الانتقالية بأقل فاتورة خسائر ممكنة.
نقلاً عن "الوطن"