عماد الدين أديب
هناك نوع من التفكير «التوفيقى التلفيقى» قائم على ثقافة بالية فى العقل السياسى والموروث الشعبى المصرى يعتمد على نظرية قائمة على مثل عامى متخلف يقول: «نص العمى ولا العمى كله».
وتقوم هذه الفكرة على القبول بأى شىء وكل شىء والرضا به على أساس أنك إن لم تستطع الحصول على ما تريد فعليك الرضا بما هو ممكن ومتاح.
وبهذا المنطق ومن خلال التسليم به تم خنوع وانصياع الشعب المصرى الصبور للفراعين والمماليك والوالى العثمانى وفرض الجزية والسخرة والحكام المستبدين.
وحينما تم رفض هذا المنطق قامت أول ثورة فى مصر القديمة ضد الحاكم «بيبى»، وثار الشعب ضد الاحتلال الفرنسى وحاربهم فى المنصورة، وثار ضد الإنجليز، وثار ضد الحكم الملكى، وثار الطلاب ضد الهزيمة فى ربيع 1968، وخرج الناس ضد غلاء الأسعار فى يناير 1977.
ويذكر التاريخ أن شعب مصر ثار مع عرابى ومع سعد زغلول ومع الطلاب فى يناير 2011، وضد الإخوان فى 30 يونيو 2013.
وينسى أو يتناسى من أطلق المثل العامى «نص العمى ولا العمى كله» أن نصف العمى هو أيضاً مصيبة ولعنة، وأن الإنسان لا يبنغى أن يقارن نفسه بالاستثناء، وهم المكفوفون، ولكن عليه أن يقارن نفسه بالمبصرين الذين يتمتعون بنور البصر والبصيرة.
إننا فى زمن يحلم فيه المواطن بالأفضل وليس بالأقل.
نحن فى زمن ليس للحلم فيه سقف، وليس للرغبة فى التقدم الشامل أى حدود، وإلا لما ظلت دول شمال أوروبا، وهى رائدة فى نظام الضمان والرعاية الاجتماعية، تسعى لتطويره، ولما استمرت أوروبا فى تطوير ديمقراطيتها، ولما سعت اليابان لزيادة إنتاجها، ولما قامت شركة مرسيدس الألمانية بالبحث عن أسواق جديدة، ولما قامت كوكاكولا بإنفاق المليارات على تسويق منتجها.
إذا أردت أن تحلم فليكن حلمك كبيراً بلا حدود، وإذا أردت أن تصلح فلا ترضَّ بربع أو نصف حل.
السعى إلى الإصلاح قد يكون تدريجياً، لكن يجب ألا يرضى بأى شىء.
نقلاً عن "الوطن"