مصر اليوم
هل يعمل وزير الداخلية وحده؟
أم ضمن حكومة لها سياسات وتعرف تدرك مسؤوليتها وحدودها ومهامها؟
وزير الداخلية ظهر بعد الفشل الكبير أمام المنصة كأنه يعيد سياسات الشرطة قبل ٢٥ يناير.
الوزير محمد إبراهيم الذى خدم الإخوان مرتين، الأولى عندما حرَّك آلة القتل لخدمتهم والثانية عندما قاد بنفس طريقته الفاشلة إلى ارتكاب مذبحة فى المنصة.
والمدهش أن رد الوزير الوحيد هو إعادة جهاز أمن الدولة بتاريخه الأسود فى تدمير السياسة والدولة فى مصر، وبنفس عقلية «الدولة الأمنية» الفاشلة التى تتصور أن الأمن هو المنع أو القتل.
هل لدى الحكومة الانتقالية سياسة أم أنها مشغولة بأجندة أخرى تعاد بها سيرة حكومة عصام شرف (التى سقطت فى لعنة الفشل بعد التأييد الشعبى عندما ارتضت مهمة سكرتارية المجلس العسكرى)؟
هل لدى الجناح المدنى من السلطة الانتقالية رؤية وسياسة ومبادرات أم أنه سيلتزم بمساحة (إدارة الخدمات..)، وإذا كنا فى مرحلة تأسيس كما سمعنا من المستشار السياسى للرئيس، لماذا لم تتحرك الحكومة المدنية لقيادة الحكم والإدارة (بدلا من التصريحات الصحفية حول المصالحة)، وتحديد مهام للأجهزة الأمنية (بدلا من ترك المساحات شاغرة لوزير من العقلية القديمة يعيد تمترس الدولة الأمنية بحجة مواجهة معسكر الإرهاب فى رابعة).
فى رابعة ليس اعتصاما سلميا، لكنه معسكر حرب الإخوان على المجتمع لاستعادة السلطة أو لبناء التنظيم عبر خطة يقودها «مجلس حرب» واجهته البلتاجى والعريان وأحيانا صفوت حجازى.
وفى مواجهة مجلس حرب «رابعة» لا يمكن ترك المهمة لجهاز أمن لم يتعود إلا على القتل فى المواجهات أو التلصص فى أوقات الفراغ أو عقد الصفقات بديلا عن السلطة.
لا بد من قيادة مدنية حقيقة لحرب «رابعة» على المجتمع المصرى، وهذه مهمة أكبر من الكرنفالات ومشاعر الفرح الجماعى فى مواجهة الجماعة.
مجلس الحرب، ومثل كل قادة الفاشية، يشحنون جمهورا من البائسين اليائسين لعمليات شبه انتحارية لنشر الفوضى والفزع وتوجيه رسالة (إما أن نعود إلى الشراكة فى الحكم وإما سنفسد حياتكم ولو بموتنا).
وأمام هذه الخطة المنظمة لا تنظيم فى شرطة يقودها محمد إبراهيم إلا بتحريك ماكينة القتل وارتكاب مذابح تهدف إلى شق التحالف الاجتماعى والسياسى الواسع.
هذه شرطة لم تتدرب إلا على استغلال مشاعر الرعب عند المجتمع لتوسيع نطاق سلطتها والتضحية حتى بكوادرها فى مواجهة مع انتحاريين.
الاستغلال لمشاعر الرعب من الجانبين (الدولة الأمنية وعصابة الإجرام فى رابعة) يبدو طريقا ممهَّدًا للقبول بأى استبداد/ قمع/ ديكتاتورية لإنهاء الوضع المفزع الذى يبدو بلا نهاية.
لا أمل هنا إلا فى اتخاذ القوى الديمقراطية والمدنية مساحتها لكى لا نعود مرة أخرى أسرى الرعب من الحالة الأمنية أو تصورات مريضة تتصور أن الحل يكمن فى توزيع الحصص على التيارات أو الأشخاص.
هذه عقلية مدمرة تقود إلى«فشل جديد» إذا تلخص الوضع فى أنه صراع بين الجيش والإخوان أو بين السيسى والمرسى أو بين مطربى الوطنية المبتذلة (من أيام مبارك) وموزعى صكوك الجنة فى رابعة.