عماد الدين أديب
الذين يريدون نزول الجيش إلى الشارع المصرى من أجل استبدال النظام الحالى بسلطة الجيش لا يعلمون مدى خطورة مطلبهم هذا.
إن مثل هذا التصور فيه خطورة على الديمقراطية وعلى الشعب وعلى الجيش ذاته.
نبدأ بالخطر الذى يشكله مثل هذا التصور على التجربة الديمقراطية التى بدأت عقب ثورة 25 يناير وأسفرت عن برلمان منتخب بشكل نزيه وحر ثم جاءت انتخابات الرئاسة لتأتى بأول رئيس مدنى منتخب بشكل ديمقراطى.
إن إسقاط الرئيس دون استكمال مدته الدستورية عن طريق قوة الشارع أو قوة الدبابة فيه صراع بين القوة والشرعية.
من هنا يبقى السؤال: هل بعد قيام الثورة واستكمال المؤسسات وانتخاب الرئيس والاستفتاء على الدستور هل هناك مجال مرة أخرى لثورة ثانية تسقط النظام المنتخب ويصطف خلفها الجيش؟
هل من جاء بالصندوق الانتخابى يمكن أن يرحل بغيره؟
إن هذا السؤال الجوهرى هو مسألة المسائل التى سوف تحدد بوصلة مصر السياسية للفترة المقبلة.
هنا نأتى لموقف الشعب من مسألة العودة مرة أخرى إلى طلب نزول الجيش ودخوله بشكل مباشر فى السياسة.
ولعل أخطر ما فى هذا التصور الآن أن الحكم هذه المرة له أنصار بالملايين.
وفى حالة الدعوة إلى إسقاط النظام فإن مناصرى وخصوم النظام سوف ينزلون الشارع وقد يتصادمون مما ينذر بشبه حرب أهلية سوف تستدعى تدخل الجيش.
فى هذه الحالة فإن الجيش سوف تكون أمامه أربعة احتمالات:
1- البقاء فى الثكنات وعدم النزول مطلقاً وترك الأمر للشارع والشرطة.
2- النزول مع طرف الشرعية بصرف النظر عن مدى رضاء الناس عنها.
3- النزول مع طرف المعارضة والمخاطرة بأن يحسب عليه أنه قام بانقلاب عسكرى ضد الشرعية.
4- الاحتمال الأخير هو النزول للفصل بين الطرفين وعدم الانحياز لأحدهما وإعلان قيام نظام حكم غير موالٍ لأى طرف من الأطراف الموالية أو المعارضة على حد سواء.
أما الخطر الثالث فهو قد ينصب على مؤسسة الجيش نفسها التى عاشت على مر التاريخ بعيدة عن الصدام مع أبناء الوطن، لذلك يخشى أن تأتى الأوضاع على الأرض باضطرار القوات إلى التعامل القتالى مع المواطنين من أى طرف من الأطراف، وهو وضع مرفوض وخط أحمر داخل العقيدة القتالية لأبناء الجيش المصرى، وهو أمر قد يؤدى إلى تفجير الجيش من داخله.
إن ورقة نزول الجيش هى مسألة شديدة الخطورة وهو أمر قد يفجر مصر بأكملها، لا قدر الله.