توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

..الإفلاس

  مصر اليوم -

الإفلاس

وائل عبد الفتاح

يسيرون على طريق إيران.. والمرسى خومينى الثورة المصرية.. تسمع هذا الكلام فى جلسات تخرج فيها الكوابيس كأنها حقيقة.. وتقرؤه فى تحليلات الصحافة الأمريكية والأوروبية.. كلها تحاول البحث عن قراءة لما يحدث فى مصر فى مرجعيات قريبة الشبه أو ممكنة. النموذج التركى شهد فى مرحلة مبكرة من الثورة لمعانا طاغيا على الجانبين، الإخوان المسلمون قدموا أنفسهم على أنهم الوكلاء الحصريون لإنجازات حزب أردوغان، وقدموا وعودهم بالرخاء والتنمية والنهضة بالإشارة إلى ما اعتبروه نظيرهم فى إسطنبول. ورغم أن المسافة بين الطبعة التركية ونسختها الباهتة فى القاهرة مع الإخوان تجلت بوضوح عندما تكلم أردوغان عن العلمانية باعتبارها مبدأ الدولة التى يجب أن تقف على مسافة واحدة من كل الأديان.. فإن «قسم التسويق» فى الجماعة ما زال يستخدم التوكيل «التركى» ليؤكد أن «النهضة قادمة» على يد المرسى. فى المقابل أيضا كان الصراع بين العسكر وأردوغان فى تركيا يستخدم للقياس بما يحدث فى مصر، لكنه كان استخداما قصيرا استبدل به النموذج الباكستانى فى «التحالف بين العسكر والإسلاميين» فى تحويل باكستان إلى دولة أساسية فى المدار الأمريكى. .. ومرورا بالموديل الجزائرى يبدو الآن الموديل الإيرانى الأكثر لمعانا فى قياس المستقبل أو تصور ما سيفعله المرسى وجماعته بعد الاستفتاء وربما قبله. ويبدو أن كل هذه الموديلات أو المرجعيات لم تسهم فى تفسير «رحلة المرسى إلى تحقيق أحلام خيرت الشاطر».. أو فى «وضع حجر الأساس للدولة الدينية على الكتالوج الإخوانى». ولهذا أسباب من بينها أن تركيبة العنصر الفاعلة فى مصر مختلفة عن مثيلاتها، بداية من المؤسسة العسكرية إلى طبيعة المجتمع وعلاقته بالتطرف الدينى، وليس انتهاء بجماعة الإخوان وبنية العقيدة الدينية. مع أهمية تاريخ الحياة المشتركة فى مصر بين عقائد وثقافات وأجناس مختلفة تحت ما يعرف بالرابطة «الوطنية»، والاستنفار الحاد من تكرار نموذج دولة الفقيه الإيرانى بطبعة سنية، أو استساخ تجارب مرعبة مثل السودان وأفغانستان أو حتى السعودية. وهنا لا يمكن تجاوز دور الاقتصاد، العامل المهم فى تكوين تركيبة سلطة قادرة على إعادة إنتاج الاستبداد على الطريقة الإخوانية (بنموذجها الإيرانى أو الباكستانى..). هل لدى الإخوان مشروع لإعادة بناء اقتصاد يبعد مصر عن حافة الهاوية، وبعد ذلك يكون له فائض يمكنه من تمتين خيوط السيطرة على السلطة، هنا لا بد من الإشارة إلى أن فائض البترول السنوى لدى إيران (تقريبا يدور حول ٣٠ مليار دولار) يمنح نظام جمهورية الملالى قوة، وقدرات على التصدير، وحماية النظام بشبكات داخلية وخارجية تحميها وترتبط بها فى مدار مصالح متينة. وفى الباكستان تتكفل حزم المساعدات الأمريكية (من واشنطن وشبكات المتحالفين معها فى الخلية) بحل مشكلات النظام المشترك بين العسكر والإسلاميين. ماذا سيفعل المرسى وجماعته فى اقتصاد يسير نحو الهاوية..؟ زيارة فاروق العقدة محافظ البنك المركزى.. للمرسى منذ أيام لم تكن فقط للاستقالة.. لكنها للإعلان بأن كل القدرات على تجاوز الأزمة الاقتصادية استنفدت. والخبراء فى الاقتصاد يقولون إن مصر على وشك الإفلاس ويختلفون على المدى الزمنى من ٣ أسابيع إلى ٣ أشهر.. وهذا ما ناقشت فيه بعضهم ليس تهديدا أو جرس إنذار.. لكنه «واقع سيصدمنا فعلا خلال فترة قصيرة.. عندما تعجز الحكومة عن دفع المرتبات مثلا.. أو تضطر إلى إعلان الإفلاس على طريقة اليونان..». هذه كوابيس..؟ الخبراء يقولون إنها ليست كذلك، لأن الاحتياج الآن إلى ٤٠٠ مليون جنيه أسبوعيا، يعنى أننا دخلنا منطقة الكوارث الاقتصادية. وهنا ليس لدى المرسى شىء يحمى مصر من الكارثة. ولم يعد لديه رصيد سياسى ولا مصداقية تسمح بانتظاره أو الاطمئنان إلى سياسات اقتصادية تعتمد على رعونة الإخوان فى أنهم قادرون على حل كل المشكلات وحدهم.. وهو ما يثبت فشله وعجزه وخيبته. الإخوان ليس لديهم مشروع اقتصادى غير كلمات الإنشاء المحشوة فى مشروع النهضة التافه فكريا واقتصاديا وسياسيا.. ويتصورون أنهم «أبطال خارقون» سيحلون ما تعجز دول كبرى عن تجاوزه إلا عبر عقول اقتصادية كبيرة. يتصور الإخوان أن حلولهم ستأتى غربا.. وأن أمريكا والغرب يمكنهم صنع المعجزة وإنقاذ مصر من الإفلاس. وهذه خرافات وأوهام تنافس أوهامهم السياسية.. وتجعلهم نموذجا جديدا للفشل لا يستطيع حتى أن يكون إيران ولا الباكستان. ويبقى السؤال إذن للمنتظرين النماذج المعلبة أو للباحثين عن تفسير من الخبرات الواقعية.. سؤال نفكر فيه جميعا: هل يمكن إنقاذ مصر من إفلاس الإخوان؟ كيف؟ نقلاً عن جريدة "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإفلاس الإفلاس



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 09:00 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 13:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 03:35 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الكركم المهمة لعلاج الالتهابات وقرحة المعدة

GMT 02:36 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

فعاليات مميزة لهيئة الرياضة في موسم جدة

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

نجل أبو تريكة يسجل هدفا رائعا

GMT 12:42 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات جبس حديثه تضفي الفخامة على منزلك

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجموعة Boutique Christina الجديدة لموسم شتاء 2018

GMT 11:46 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

الذرة المشوية تسلية وصحة حلوة اعرف فوائدها على صحتك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon