توقيت القاهرة المحلي 05:29:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فانوس رمضان

  مصر اليوم -

فانوس رمضان

أسامة غريب

نزلت ذات يوم ومعى ابنى الصغير لأشترى له فانوس رمضان من ميدان العتبة. هناك يوجد بائع فوانيس قديم أعرفه منذ الطفولة أيام كان والدى يصطحبنى إلى نفس الرجل لشراء الفانوس. ما يميز هذا العجوز الذى ما زال يعمل بيده حتى الآن هو أنه يصنع الفوانيس بالطريقة القديمة من الصفيح والزجاج الملون وبها مكان للشمعة.. هذا النوع التقليدى ما زلت أحبه وأفضله على الفانوس الصينى الذى انتشر فى بلادنا. المهم أننى فى ذلك اليوم التقيت مصادفة فى طريق العودة بأحد الأصدقاء القدامى.. بعد أن تبادلنا السلام والتحية لمحت آثار دهشة على وجهه وهو يردد نظراته بينى وبين الفانوس المتدلى من يدى. سألته: ماذا يدهشك؟ قال: غريب جداً أن أرى مثقفاً طليعياً مثلك يتعاطى مع مثل هذه الأفكار المتعلقة بالفانوس و«وحوى يا وحوى» وهذه الأشياء المرتبطة بأهل الجهالة والشعوذة..ثم أضاف: وكنت أظن أنك قد تحرص على غرس قيم وأفكار أخرى فى أذهان عيالك تختلف عن تلك التى توارثتها عن أبيك وجدك!. الحقيقة أن كلامه أربكنى وأطفأ فرحتى بالفانوس، فسألته: وأنت..ألا تشترى لأولادك فوانيس فى رمضان؟ رد فى زهو: لم أفعلها مطلقاً.. وأردف متهكماً: ينقص أن تسألنى إذا كنت أشترى علبة حلويات فى مولد النبى!. ظللت أنظر إليه فى صمت وكنت أقلب فى رأسى عدة ردود على سخافاته ثم حسمت أمرى وقررت أن أمنحه ابتسامة شفقة، قبل أن أعطيه ظهرى منصرفاً بلا كلام ولا سلام، وفى يدى الفانوس الجميل وفى يدى الأخرى ابنى.. صاحب الفانوس. لم يكن شعورى بالاشمئزاز منه نابعاً من جهله وفظاظته فقط، وإنما من كونه يظن نفسه مثقفاً كبيراً، وعليه فقد أغلق فى وجه نفسه الباب الذى يسمح لى أو لغيرى بتعليمه!..هذا المغفل يظن أن انتساب الواحد منا إلى تراث أهله المبهج الذى لا يؤذى أحداً ولا ينال من الشغف بالعلم والعدل والحرية.. يظنه تخلفاً ومجاراة لطقوس لا فائدة منها، ويتصور أننا لو توقفنا عن الاحتفال برمضان وعن تناول طبق العاشورة، وشراء العروسة والحصان، والسهر فى مولد السيد البدوى، فإننا سنصير جزءاً من العالم المتقدم!..لا يفهم الأفندى أننا لو فعلنا ذلك فإننا لن نصبح فرنسا لكن قد نصبح الفلبين! فهذه الدولة قد تنكرت لتراثها بالكامل حتى لم تعد تسمى أبناءها بأسماء محلية وإنما اعتمدت مع الكاثوليكية الغربية أسماء الفرنسيين والطلاينة، ومع هذا لم تصبح جزءاً من فرنسا أو إيطاليا وإنما أصبحت المصدر الأساسى للفواعلية والخدامين فى العالم كله! وصديقى هذا نفسه مثال على ذلك لأنه بعد سنواته التى قضاها فى الغرب لم يتعلم منهم غير أن المرحاض يجب أن يخلو من الشطاف مثلما يفعلون فى أوروبا.. و أذكر أنه قضى فترة يحاول إقناع أصدقائه بالفكرة، ولم يدرك أبداً أن أفكاره الجديدة لم تجعله أوروبياً بل جعلته فلبينياً! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فانوس رمضان فانوس رمضان



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon