توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين المفر؟

  مصر اليوم -

أين المفر

مصر اليوم

كان خطأ كبيراً ان يدفع الاخوان بمرشح من جماعتهم لرئاسة الجمهورية.. هذا ما كتبته وكررته منذ أكثر من سنة.لا أقصد ان هناك موانع قانونية أو دستورية كانت تحول دون ان يكون لهم مرشح رئاسي مثل أي فصيل سياسي آخر، وانما لأن هناك اعتبارات تتعلق بأن مصر غير مستعدة بعد لخطوة من هذا النوع، وكانت الحصافة تقتضي ان يتأنوا ولا يفعلوا مثل الذي كان يقف على الدرجة الثالثة من السلم ثم مد رجله على اتساعها ليبلغ الدرجة الثامنة!.. من الطبيعي ان هذا الشخص سوف تتمزق عضلاته ويصرخ من الألم.غير ان الاخوان لم يستمعوا لنصح الناصحين وأعتقد شخصياً ان الأمريكان قد شجعوهم على التقدم بمرشح لهم وذلك لأكثر من سبب: من جهة يعرف الأمريكان ان الاخوان جماعة براجماتية تحكمها المصلحة وأنها سوف تبتلع كل دعاوى الجهاد وتحرير القدس وسوف تحفظ السلام مع اسرائيل.. ومن جهة أخرى وجود هذه الجماعة في الحكم وسط رفض شديد من جانب أجهزة الدولة القوية (جيش- داخلية- مخابرات) سوف يجعل رأس السلطة شديد الضعف وفي حاجة للغوث الأمريكي طوال الوقت للوقوف في وجه مرؤوسيه!. والكارثة ان الاخوان اختاروا من بينهم شخصية باهتة بلا مواهب ولا قدرات على الرغم من ان لديهم من هو أفضل. ادراكي لهذه الحقائق جعلني أتضرع الى الله ان يتنبه الدكتور محمد مرسي بعد ان فاز برئاسة الجمهورية عقب انتخابات عسيرة الى أهمية ان يحتضن شعب مصر ويكون رئيساً لكل المصريين حتى يستطيع بمؤازرتهم ان يواجه تلال المشاكل والأزمات التي تعود لعشرات السنين، وليستطيع أيضاً ان يصمد في وجه الأجهزة المناوئة له ويتمكن من تطويعها للعمل لصالح مصر وليس لصالح النظام القديم الذي عاشوا في كنفه ثلاثين سنة رضعوا فيها حليب مصر وحرموا منه الشعب الغلبان.لكن للأسف خذل مرسي من أملوا فيه خيراً وبدا أداؤه البائس لا يرقى الى حجم التحديات القديمة الموروثة من زمن سيد الأنطاع والتحديات الناشئة عن آمال وتطلعات الناس بعد الثورة وكذلك ظهر عاجزاً عن تحجيم المصائب التي سعى خصومه لاغراقه فيها طول الوقت.. و مما يؤسف له ان جانباً من هؤلاء الخصوم الذين سعوا لافشاله هي أجهزته التي كان ينبغي لها ان تعاونه بصرف النظر عن خلفيته الحزبية.لم يكن بامكان مرسي ان يواجه هذا كله بتركيبته النفسية والشخصية.. لم يكن ذلك في مقدوره وهو يتوجس من كل الناس ولا يثق الا في جماعته، ومن نتائج ذلك أنه شكل فريقاً رئاسياً وهيئة استشارية من أفاضل الناس وبدلاً من ان يعتمد عليهم ويلتمس منهم العون والمشورة فانه اعتبرهم ديكوراً واكتفى بالعمل مع أهله وعشيرته من الجماعة.ومما يؤسف له ان هؤلاء لم يكونوا على كفاءة أو جدارة أو قدرة على مواجهة الألغام التي أخذت تنفجر في وجه مرسي كل يوم بفعل الانفلات الأمني المتعمد والأزمات التي افتعلها خصومه لاظهاره بمظهر الفاشل. أغرب ما في الأمر ان رئيساً هذا حاله.. مشكلات بلا نهاية، مؤامرات من القريب ومن البعيد، خزانة خاوية وشعب محروم.. بدلاً من لم الشمل وتأليف القلوب فانه وبمعاونة جماعته أخذوا يفقدون كل يوم أصدقاء وحلفاء وأخذوا يبتعدون بوتيرة سريعة عن أطراف وأطياف المجتمع فاصطدموا بالقضاء واستسهلوا سب القضاة، كما لم يستطيعوا بناء جهاز اعلامي كفء يعوضهم عن اعلام الفلول الذي تحركه الأجهزة الأشكيفية التي أخذت تمهد الطريق من أول يوم لشيطنة مرسي بالحق والباطل.. وكذلك أخذوا موقف العداء من الأزهر وفضلوا عليه شيوخ الجماعات المتطرفة محدودة العلم والفهم.. و أخذوا موقفاً غريباً من رجال أعمال مبارك فلا هم استمالوهم وكسبوا ثقتهم ولا هم أدخلوهم السجون وصادروا ثرواتهم المسروقة، وبالطبع لم ينجح خطابهم في تبديد مخاوف الأقباط.يوماً بعد يوم بدأ الذين انتخبوه يشعرون بخيبة أمل.. صحيح ان أحداً لم يكن يتوقع منه أداء خارقاً لكننا تصورناه أقل تهافتاً وضياعاً. كل هذه العوامل تكاتفت لتصنع المشهد الحالي الذي اتحد فيه شباب الثورة مع فلول مبارك لتنحية أول رئيس مدني منتخب.. وهذا في حقيقة الأمر هو أكثر ما يدفع للأسي.. أن يضطر الناس الى التضحية بالتجربة الديموقراطية من أجل درء خطر الجماعة التي لم يعد الوطن يحتمل فشلها وأداءها المزري.وقد قلت مراراً طيلة الأشهر الماضية ان أسوأ ما سيفعله مرسي بمصر هو أنه سيدفع الناس الى كراهية الديموقراطية والنظر الى الصندوق باعتباره معيارا فاسدا لن يأتي الا بأسوأ العناصر وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام حكم عسكري مدعوم شعبياً!.والمصيبة الأكبر ان حكم مرسي لا يمكن انهاؤه بالبساطة التي يتصورها خصومه ذلك ان مرسي ليس مبارك، فالأخير لم يكن له أنصار يدافعون عن بقائه أما مرسي فأنصاره بالملايين وليس من المتصور ان يستسلموا لخلع رجلهم.. وهذا هو الخطر الأكبر.كنت أتمنى ألا يتسرع السيسي وينبهر بتظاهرات التحرير والاتحادية على الرغم من ضخامتها لأن الجانب الآخر في رابعة وميدان النهضة يستطيع ان يقدم ما يبهر بالمعيار نفسه، أما وقد حصل ما حصل فان الأمل في رحمة ربنا هو ما نملكه وليس لنا سواه. يتبقى وجه آخر للمأساة هو أنها تضع الناس أمام أزمة ضمير حقيقية.. فتأييد انقلاب عسكري هو عار يعلق بصاحبه.. وتأييد مرسي هو غفلة تجعل من صاحبها أضحوكة.. فأين المفر؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين المفر أين المفر



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon