توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حماية الفلوس

  مصر اليوم -

حماية الفلوس

أسامة غريب

   ما زال الناس يدهشهم أمر المجلس العسكرى الذى تولى السلطة عقب خلع مبارك ولمدة سنة ونصف متصلة شهدت أبشع ما يمكن أن يفعله حكام بشعب من بنى جلدتهم! وفى الحقيقة هذه الدهشة مبررة، فهؤلاء أناس لا تاريخ سياسى لهم باعتبارهم عسكريين محترفين كما هو مفترض.. ومع ذلك فإن العسكرى المحترف هو أيضًا إنسان يحس ويشعر بنبض الناس ويعرف مواضع آلامهم. لقد كان الله كريمًا مع أعضاء المجلس العسكرى الذين تولّوا السلطة التنفيذية والتشريعية مع نفوذ هائل على السلطة القضائية، ومع ذلك لم يستخدموا تلك السلطات إلا من أجل شخرمة البلاد والعباد.. وكان غريبًا أنهم لم يخطوا خطوة واحدة فى اتجاه تلبية أى مطلب شعبى إلا تحت ضغط هائل وبعد مظاهرات مليونية حاشدة استهلكت الناس واستنزفت طاقتهم. كان حل الحزب الوطنى مطلبًا ثوريًّا عاجلًا باعتباره وكرًا يضم أخلاطًا متنوعة من الأشرار المعادين للثورة، ومع ذلك رفض المجلس العسكرى أن يحل الحزب، وتكفّل القضاء بالأمر! وكانت محاكمة مبارك هدفًا أساسيًّا رغب فيه الناس من أجل معاقبة المجرم واسترداد الأموال التى سرقها، ومع ذلك فقد تثاقلوا فى هذا الأمر تثاقلًا مريبًا، ثم دبّروا محاكمة لا علاقة لها بالعدالة حاكموا فيها القاتل اللص وولديه على جرائم تافهة سقطت بالتقادم وبالتالى فالبراءة فيها وجوبية، وتغاضوا عن الجرائم الواضحة ولم يدفعوا بها إلى المحكمة.. ليس هذا فقط وإنما تم إتلاف الأدلة على قتل الثوار تحت سمعهم وبصرهم وبيد أعوانهم فى أجهزة الأمن، الأمر الذى جعل من الحكم بالمؤبد على مبارك نكتة قضائية بعد أن تمت تبرئة القتلة التنفيذيين مع إدانة مبارك لأنه لم يقم بحماية الثوار من الأشباح الذين قتلوهم! وليس لهذا معنى سوى أن البراءة ستكون مضمونة فى النقض. ومن قبل هذا سمحوا لمبارك بالإقامة فى منتجع صحى دون أن يشكو أى علة وتركوا أسرته تعيش معه فى المنتجع وهو المحبوس احتياطيًّا! بالإضافة إلى توفير الحماية لزوجة المخلوع وهى التى استباحت المال العام وغرفت من حساب مكتبة الإسكندرية، حيث اكتفوا بأن استردوا منها مسروقات بقيمة 24 مليون جنيه ثم تركوها دون محاكمة! كل هذا بخلاف الانفلات الأمنى والبلطجة التى اجتاحت الشارع المصرى والأزمات المعيشية فى الوقود والخبز، وتحولت شوارع المدن إلى مزابل بكل معنى الكلمة. حدث هذا والسادة الحكام يحوزون صلاحيات وسلطات إلهية تمكنهم من السيطرة على كل شىء وعلاج كل مشكلة.. ولكن أى سيطرة وأى علاج وهم متهمون بتدبير كل هذا عمدًا ومع سبق الإصرار والترصد بالشعب المصرى! الناس فى دهشة وذهول من الأسباب التى دعت السادة الذين تقلّدوا السلطة طوال الفترة الانتقالية إلى أن يفعلوا ما فعلوا ولا يترددون فى قتل الثوار فى مواقع ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية؟ والحقيقة أن الإجابة عن التساؤلات السابقة ليست سهلة، لكن الاجتهاد فيها أمر مشروع، وأول هذه الاجتهادات التى تتردد على ألسن الكثيرين أن الحفاظ على الثروات الشخصية والمصالح المالية كان الهدف الأساسى الذى إليه يرجع كل قرار صدر أو قانون سُلِق أو إعلان دستورى انفجر فى وجوهنا. لم تكن حماية مبارك حبًا فيه وإنما بسبب الرغبة فى أن لا ينفتح الصندوق الأسود ويصبح الحساب على استباحة المال العام والانشغال بمراكمة الأموال من الوظيفة العامة أمرًا ممكنًا. وكذلك الانفلات الأمنى ومحاولات شيطنة الثوار والعمل بكل قوة من أجل إنجاح أحمد شفيق، ثم ما تلا هذا من إلقاء الزبالة فى الشارع وقطع الكهرباء وتحويل حياة الناس إلى جحيم. كل هذا كان الغرض منه حماية الفلوس.. تصوّروا! لكن بفضل ربنا، فإن هذه الرغبة الحارقة فى حماية الفلوس كانت السبب فى إيثار السلامة وعدم المقاومة عندما تم خلعهم!.. سبحانك يا رب يا ناصر المستضعفين يا من ستساعدنا على محاكمة كل من ظلمنا لنقتص منه ونسترد أموالنا المنهوبة. نقلاً عن جريدة "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماية الفلوس حماية الفلوس



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon