توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا يكفي إسقاط الأسد والقذافي

  مصر اليوم -

لا يكفي إسقاط الأسد والقذافي

عبد الرحمن الراشد

مر على العالم الكثير من الحكام السيئين، وتمر هذه الأيام ذكرى الثورة على واحد من أكثرهم سوءا معمر القذافي، الذي خلف وراءه مناطق مدمرة في أنحاء العالم، لا ليبيا وحدها. وذكراه يفترض أن تلقن المجتمع الدولي درسا مهما، أن القادة السيئين لا يصيبون بلدانهم بالضرر وحسب، بل هم مصدر أذى للعالم كله. كان هناك صدام حسين، ارتكب الكثير من المآسي، ولا يزال في عالمنا الرئيس السوري بشار الأسد، كما يجب ألا ننسى نظام طهران الذي بدد مقدرات بلاده وخرب العالم منذ هيمنته على الثورة الإيرانية. الآن المنطقة تتشكل بأنظمة جديدة تتنازعها قوى داخلية، ومن الطبيعي أن نقلق حول الاتجاهات التي ستكون عليها، والمؤسسات التي ستبنيها، والأفكار التي ستزرعها. فهل سيخلف القذافي قذافي آخر، وهل ستدار سوريا بجماعة أو رئيس كما أدارها الأسد الأب ثم ابنه، والسؤال نفسه يمكن أن يقال عن مستقبل إيران التي ستلحق بهم حتما في السنين القليلة المقبلة. كل هذه النماذج الراحلة كانت مسؤولة عن نتيجتين مروعتين، إفقار بلدانها وتخريب المنطقة وتهديد العالم. القذافي لأربعين عاما قام بتمويل الفوضى في كل مكان، ووصلت شروره إلى الفلبين وآيرلندا، وإيطاليا وإسبانيا، وقام بتدمير دولة تشاد من أجل إسقاط نظامها، وكان وراء زرع الفوضى وتمويلها بالمال والسلاح في غرب السودان وجنوبه لعقود، وقام بتمويل أطراف في الحرب الأهلية في لبنان، وفي السنين العشر الأخيرة قام بتمويل الحوثيين اليمنيين وقوى قبلية يمنية ضد السعودية. وفي نفس السنين ترك ليبيا بلدا خرابا بلا تنمية ولا أمل لأهلها في المستقبل! وهذا ما فعله صدام على نطاق أضيق ومركز، كبر جيشه وقواته الأمنية، ودخل لعشر سنين في حرب مع جارته إيران، ثم الكويت. أما الأسد الأب فقد أشغل لبنان طوال سنين حكمه بالنزاعات، مول ودرب الجماعات المسلحة ضد تركيا، والعراق، والخليج. وسار على دربه ابنه بشار، فالتصق بإيران وتحول إلى مقاول حروب الإرهاب والطائفية في العراق لعشر سنين مضت بهدف السيطرة على العراق، كما فعل في لبنان. وكل الثلاثة تبادلوا أدوارا في تخريب القضية الفلسطينية، وشق الصف الفلسطيني، واستئجار جماعات مسلحة بقيادة أمثال أبو نضال وأحمد جبريل، باسم فلسطين دمر الثلاثة القضية الفلسطينية وقادوا العالم العربي نحو الخراب. الآن عتاة التخريب زالوا، والأخير أي الأسد، على وشك أن يرحل مهما طالت المعركة. العالم العربي يتغير، ولا ندري إلى متى وكيف سينتهي عليه، وأملنا ألا يرث الليبيون «قذافي آخر» والعراقيون «صداما جديدا»، مع أن مظاهر الحكم تنذر بذلك، ولا أن تلد سوريا نظاما حديديا متوحشا مثل الأسد. النظام الديمقراطي الذي تقول هذه الدول الجديدة إنها تريد تبنيه يقوم على الاحتكام للناس، ولو سألنا الليبيين، أو العراقيين، أو السوريين، لما وجدنا الأغلبية ترضى بعودة تلك العهود السيئة، والسنوات العجاف، وكذلك المجتمع الدولي. لهذا فإن مسؤولية الجميع دفع المجتمعات التي ثارت على أنظمتها وأسقطتها، باتجاه حكم مدني يؤمن بالمشاركة السياسية ويستجيب لطموحات مواطنيها. فصدام والقذافي والأسد، عدا عن نزعتي الشر وجنون العظمة، أيضا يعتمدون سياسة التخريب الخارجي لإلهاء مجتمعاتهم باختراع أعداء خارج الحدود، أو بطولات مزورة. وبناء مؤسسات تحترم رغبة شعوبها لن يتم بيسر، وهنا يأتي دور المجتمع الدولي في الأخذ بأيدي هذه المجتمعات الثائرة ومساعدتها في الانتقال بدل التفرج عليها. وجود أنظمة تحترم مواطنيها، وتحترم القوانين الدولية، هو في صالح كل العالم وليس في صالح الليبيين أو العراقيين أو السوريين فقط، فالتخلص من نظام هتلر في عام 1945 أوقف جرائمه، ولكن، وهو الأهم، إصرار المنتصرين على بناء مؤسسات ديمقراطية في ألمانيا واليابان حقق الهدوء والسلام والرخاء للقارة الأوروبية والعالم، وبالتالي فإن إسقاط الأنظمة السيئة لن يكون كافيا لمنع تكرار الأربعين سنة السيئة للعالم، بل المساهمة في دعم المجتمعات على بناء نظم تلتزم بالقانون داخليا وخارجيا سيكرر في هذه الدول التجربة الأوروبية الغربية بأبعادها المختلفة. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا يكفي إسقاط الأسد والقذافي لا يكفي إسقاط الأسد والقذافي



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 09:00 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 13:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 03:35 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الكركم المهمة لعلاج الالتهابات وقرحة المعدة

GMT 02:36 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

فعاليات مميزة لهيئة الرياضة في موسم جدة

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

نجل أبو تريكة يسجل هدفا رائعا

GMT 12:42 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات جبس حديثه تضفي الفخامة على منزلك

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجموعة Boutique Christina الجديدة لموسم شتاء 2018

GMT 11:46 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

الذرة المشوية تسلية وصحة حلوة اعرف فوائدها على صحتك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon