توقيت القاهرة المحلي 05:11:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأسد في الأوبرا!

  مصر اليوم -

الأسد في الأوبرا

طارق الحميد

على مدى قرابة ساعة كاملة تحدث بشار الأسد في دار الأوبرا السورية بدمشق، فقدم خطابا نشازا مليئا بالغرور والغطرسة، وأظهر أنه رجل مفصول عن الواقع، ولا يمكن توقع الوصول معه إلى تسوية، أو اتفاق، حتى وإن كان الأسد نفسه بات مقتنعا بأن الأمور في سوريا لا تسير لمصلحته. خطاب الأسد كان خطاب غرور، وردا مباشرا على الروس، وغيرهم، بأن لا تسوية، وأنه لو كان هناك من تسوية فإن الأسد هو من يضع بنودها، وشروطها، ويشرف عليها، فالأسد كمن قال للروس: اذهبوا للجحيم، وإن كان الأسد نفسه مدركا، وحسب ما قال في خطابه، أن الأوضاع في سوريا لم تعد تسير وفق مصلحته، خصوصا عندما قال: «نلتقي اليوم والمعاناة تعم أرض سوريا، ولا تبقي مكانا للفرح في أي زاوية من زوايا الوطن؛ فالأمن والأمان غابا عن شوارع البلاد وأزقتها». وهذا هو الكلام الصحيح الوحيد في خطابه، لكن ذلك لا يعني أنه سيتعلم من تجارب غيره، بل إن ذلك يعني أن الأسد سيقوم بمزيد من الجرائم. فما طرحه الأسد من مبادرة ليس إلا لعبة واضحة، وهو ما تنبه له كل من وزيري خارجية بريطانيا وتركيا، وكذلك الاتحاد الأوروبي، الذين سارعوا إلى مطالبته بالتنحي ووصف خطابه بالرياء، وهو كذلك وأكثر. الأسد كان يحاول إقناع من تبقى من أنصاره بأن ما يحدث في سوريا هو عمل إرهابيين، وإسلاميين يريدون العودة بسوريا إلى القرون الوسطى، والحقيقة أن كل من زار سوريا في السنوات الأخيرة يعي ويعلم أن سوريا تحت ظل الأب والابن تعيش في قرون التخلف، وأبعد ما تكون عن دولة مدنية متحضرة، بل هي دولة بوليسية متخلفة قائمة على تأمين حكم الأسد لا أكثر ولا أقل. ولذا فإن كل ما طرحه الأسد ليس إلا لعبة جديدة قديمة من ألعابه التي استخدمها في لبنان والعراق، وسوريا نفسها طوال فترة حكمه، وطوال الثورة السورية. ما قاله الأسد يظهر أن لا أمل في الوصول لاتفاق سلمي معه، وهو غير قادر أساسا على استيعاب خطورة ما يدور حوله، فالأسد في خطابه الأخير كان مثل القذافي، لكن دون خفة ظل، ومع غرور واضح، ومحاولة مستميتة للتذاكي على الجميع، بمن فيهم من دعموه مثل روسيا، التي لا شك أن الأسد قد أحرجها في خطابه الأخير. اليوم، وبعد خطاب الأسد، فإنه لا مناص من العودة إلى طرح ضرورة التدخل الخارجي، وبطرق مختلفة، أبسطها التحرك الآن لدعم الثوار بالسلاح النوعي، وتحديدا الأسلحة القادرة على تعطيل طائرات طاغية دمشق، فمن شأن ذلك أن يعجِّل باقتراب نهاية الأسد، خصوصا أن الثوار يحاصرونه من كل مكان، لكن تبقى الطائرات الحربية هي العامل الفارق، ودعم الثوار بالأسلحة النوعية من شأنه أن يمكنهم من فرض سيطرتهم على المطارات العسكرية، وتطهير سماء سوريا من طائرات الطاغية. خطاب الأسد في الأوبرا كان نشازا، لكنه بمثابة رسالة للمجتمع الدولي أنه آن الأوان للتدخل في سوريا الآن، فلا أمل في الوصول إلى حل سلمي مع هذا الطاغية بأي حال من الأحوال.  نقلاً عن جريدة " الشرق الأوسط " .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسد في الأوبرا الأسد في الأوبرا



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon