توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طاقة الهدم

  مصر اليوم -

طاقة الهدم

عمرو الشوبكي

المجتمع المصرى يعرف طاقة خاصة للهدم، ليس فقط فى مواجهة الأشخاص، إنما فى كثير من الأحيان فى مواجهة الجديد مهما كان، سواء كان تقدميا أو رجعيا، فالمهم هو البقاء فى المكان وإلا سوف تخرج طاقة الهدم لتدمير كل شىء. لا يوجد بلد فى الدنيا يتبارى فيه البعض للذهاب للمحاكم لإفشال قانون لا يضرهم فى شىء، ولا يضر الصالح العام، ومع ذلك يكتشفون فى داخلهم طاقة هائلة للهدم هدفها الوحيد التخلص من جديد تحرك فى الماء الراكد. صحيح أن البعض يتحدث عن الآثار الجانبية لثورة 25 يناير وطاقة الهدم التى استمرت بعد سقوط مبارك، فأصابت المؤسسات دون أن تصلحها، وأصابت المجتمع دون أن تساعده على التقدم، إلا أن هذا لا ينفى أننا كنا ومازلنا مجتمعا من أكثر المجتمعات امتلاكا لطاقة الهدم من قبل ثورة يناير فى العالم، يتبارى أفراده فى رفع قضايا على بعضهم فى أمور لا علاقة لهم بهم، وهو أمر إذا قورن بأى بلد فى العالم، نامٍ أو متقدم، سيؤكد لك تفرد مصر الاستثنائى فى هذه الظاهرة. والسؤال: هل شاهدت جارا لك يشتم جاره الثانى لمجرد أنه حقق نجاحا بعيدا تماما عنه، رغم أنه لم يأت على حسابه؟ الإجابة نعم بالتأكيد، وهى أمور تجدها بين زملاء العمل ورفاق النضال وأخوة الجهاد، وخطورة هذا المشهد الفردى أنه ينعكس على طريقة عمل بناء المؤسسات، فداخل كل حزب وداخل كل مؤسسة مدنية هناك حالة من الانفلات والاستباحة، فالمدير أو الرئيس يقضى معظم وقته فى التواؤم أو مواجهة طاقة الهدم داخل مؤسسته، فلا يوجد حزب سياسى قادر على أن يستوعب أجنحة وتيارات مختلفة داخله، فهناك خطط المدير أو الرئيس أو المسؤول الحزبى، وهناك خطط إسقاط الجميع حتى لو كان الثمن هو هدم الحزب نفسه أو تطفيش من دخلوا لممارسة عمل سياسى وليس مؤامرات حزبية، فطاقة الهدم داخل الأحزاب والتيارات السياسية كبيرة. فكثير من الناس يقضون معظم وقتهم للتخطيط لاستبعاد س أو ص دون أن يستثمروا ربع هذا الوقت فى بناء بديل للشخص الذى يهدفون إلى استبعاده. والحقيقة أن هذا الوضع عمق من حالة التجريف التى تعانى منها مصر، فالصراع أصبح ليس بين قوى وأطراف تبنى مشاريع سياسية، وتستثمر فى أفرادها بغرض التنافس على السلطة وتداولها، إنما فى وجود من يمتلك مهارة القفز على السلطة دون أن يمتلك بالضرورة المهارات الكافية، وبين من يناضل صباحا ومساء من أجل إسقاط من وصل للسلطة، سواء داخل حزبه أو مؤسسته. وكلا الطرفين قضيا أوقاتهما للتخطيط للهدف السامى: الوصول للقيادة وإسقاط القيادة، دون أن يقضيا وقتا يذكر فى التدريب والبناء. طاقة الهدم فى المؤسسات الحكومية مرعبة أيضا، ولا أحد يتكلم فى التطوير وزيادة الإنتاج، فإما زيادة الأجور دون عمل أو إضراب دون هدف، أما حديث الصالح العام والمنافسة، وحتى الصراع على أرضية البناء وصناعة البديل الأكفأ، فكلها أمور مؤجلة لمرحلة أخرى لأن طاقة الهدم أكبر بكثير من طاقة البناء فى مصر. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طاقة الهدم طاقة الهدم



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon