توقيت القاهرة المحلي 01:52:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سبع حقائق نكرهها.. لكنها حقائق

  مصر اليوم -

سبع حقائق نكرهها لكنها حقائق

معتز بالله عبد الفتاح

أولاً، الديمقراطية بغير آدابها هى والاستبداد سواء. وقد أثبتت النخب السياسية المصرية خلال السنوات الثلاث السابقة أنها، فى معظمها، لا تملك آدابها. وانتقلت أمراض النخب إلى الكثير من أبناء الوطن. الحل: على وزارتى التعليم والتعليم العالى أن تفعلا ما تفعله المجتمعات التى سبقتنا على هذا الطريق وهو أن تضعا مقررات فى التعليم المدنى (Civic Education) ليدرسها أبناؤنا الذين سيخرجون من التعليم قريباً وهم لا يعرفون إلا آليات الاحتجاج والرفض سواء السلمى أو العنيف دون أن يعرفوا كيف يكونون جزءاً من فريق عمل وكيف يمتلكون المهارات اللازمة كى يكونوا مواطنين صالحين. ويرتبط بهذا الحل مباشرة أن يكون هناك خطاب دينى وإعلامى متكامل يركز على المستقبل بتحدياته وليس الماضى بصراعاته، والأمل أن يتحرك أى طرف لوضع ميثاق شرف صحفى وإعلامى بل ودينى لعلاقاتنا المتوترة. حينما كان الإنجليز يبنون ديمقراطيتهم فى أعقاب «الثورة المجيدة» فى القرن السابع عشر كان الجدل بين مجلسى اللوردات، الذى يمثل السلطة التقليدية، ومجلس العموم، الذى يمثل الديمقراطية الناشئة، هو من له حق وضع الميزانية وفرض الضرائب. وفى حوار بديع بين الطرفين وردت كلمتان: الثقة والتسامح (Trust and Tolerance)، ولولاهما لما كانت هناك ديمقراطية بريطانية، وربما لما كانت هناك ديمقراطية فى العالم كله. ثانياً، لقد نجحنا فى الثورة وفشلنا فى الديمقراطية، أى نجحنا فى الهدم وفشلنا فى البناء. ذلك أن هناك من أراد «خصخصة الثورة» عبر الصراعات والمصالح الفردية بين النخب القديمة ومن سار على دربهم من النخب الشبابية. الحل: كفانا دعوة للثورة ودعوة لموجة ثالثة ورابعة، على الثائرين أن يتعلموا أدوات جديدة غير المظاهرات والاعتصامات والإضرابات، عليهم أن يتعلموا مهارات العمل الجماعى التنظيمى، وهذه ليست دعوة للتخلى عن أهداف الثورة، وإنما عليهم أن ينظروا إلى أسباب نجاح بعض الثائرين وفشل آخرين سنجد أن «ليخ فاونسا» وحركة «تضامن» فى بولندا كانت أنجح مما حدث فى رومانيا، وستجد أن الهند بقيادة «نهرو» وحزب المؤتمر كانت أنجح من باكستان بسبب ضعف التنظيم الحزبى فى هذه الأخيرة، ونجاح «نيلسون مانديلا» كان مستحيلاً بدون وجود المؤتمر الوطنى الأفريقى. إلى الإخوة المطالبين بالثورة لأن الثورة سُرقت: استعدوا لما بعد الثورة الجديدة قبل أن تشعلوها، وغالباً لن تجدوا أنفسكم بحاجة لثورة جديدة لو عرفتم كيف تعملون معاً فى إطار تنظيمى. ثالثاً، هناك درس من دروس التاريخ يقول إن التقدم إلى الأمام لا يكون إلا بالتخلص ممن يريدون أن يجروا مجتمعاتهم إلى الخلف. وهنا كلمة «التخلص من» تأخذ أشكالاً متعددة منها الاستبعاد، ومنها الاستئصال، ومنها الدخول فى صفقات تاريخية. ولنأخذ عدة أمثلة توضح التعميم السابق. ما كان للولايات المتحدة أن تستمر وتتقدم إلا بعد انتصار ولايات الشمال على الجنوب والتخلص بصفة نهائية من دعاة الانفصال. وكان من نتائج ذلك حرب أهلية استمرت خمس سنوات وكان من ضحاياها 650 ألف أمريكى بين قتيل وجريح، بما يعنى أن من كل خمسة أمريكيين كان هناك شخص واحد على الأقل من بين الضحايا. وما كان لكمبوديا أن تتقدم إلا بعد التخلص من «بول بوت» و«الخمير الحمر» بما صنعوه من ديكتاتورية تحت شعارات اشتراكية. وكان ضحايا هذه المعركة أكثر من نصف مليون إنسان. وما كان لليابان أن تصبح قوى اقتصادية عظمى إلا بعد انتصار «الميجى» على القوى التقليدية التى كان يرمز لها بـ«الساموراى». اختار «الميجى» الحداثة واستيراد التكنولوجيا والأساليب الإدارية والأسلحة وتخطيط الجيش وبناء الأسطول وفقاً لما أخذت به الدول الغربية تاركاً بهذا تقاليد «الساموراى» التى تعتمد على السيف والرمح والخيل والعمل اليدوى التقليدى. وكان صراع التحديث مع التقليد دموياً فى بعض فصوله أيضاً. ما كان لجنوب أفريقيا أن تتقدم إلى الأمام إلا بإقصاء المتشددين من البيض والسود الذين كانوا يرفضون فكرة العيش المشترك ويطالبون بدولة يتم فيها التخلص من غير المنتمين لنفس لون بشرتهم. كان صراعاً طويلاً ومريراً لمدة أربع سنوات عجاف مات فيها من السود والبيض أكثر ممن ماتوا فى السنوات الثلاثين السابقة. ورغماً عن أن الفطرة الإنسانية السليمة لا ترضى أبداً إراقة الدماء، لكن هناك من يختار أن يكون على الجانب الخاطئ من المعركة ويقرر أن يموت شهيداً فى معركة لا تستحق. رابعاً، المجتمعات المنقسمة سواء عرقياً أو دينياً أو أيديولوجياً تحتاج عناية خاصة لأنها يمكن أن تقع فى وحل «اللادولة»، وأحياناً تظل هناك لفترات طويلة. دولة مثل تايلاند تعانى من معضلة تعاقب الحكومات الفاشلة عليها سواء كانت منتخبة أو غير منتخبة وفى كل مرة يكون التدخل العسكرى من قبل القوات المسلحة هو الحل. وهنا فرق كبير بين تدخل القوات المسلحة كمجموعة أفراد لديهم أغراض شخصية للوصول إلى السلطة أو تدخل المؤسسة العسكرية لوضع حد للفوضى فى البلاد. فى تايلاند وفى آخر ثمانين عاماً تدخل العسكريون فى السياسة بتعطيل الدستور أو حل البرلمان أو إقالة الحكومة ثمانى عشرة مرة أى بمعدل تدخل عسكرى كل أربع سنوات ونصف السنة. دولة مثل أفريقيا الوسطى تخرج من وضع لتنتهى إلى وضع أسوأ انتهاء بمذابح بين المسلمين والمسيحيين فى ظل غياب تام لفكرة الدولة. لو كان مكتوباً علينا نحن المصريين أن نقف فى كمين، فالأفضل أن نقف فى كمين جيش أو شرطة من أن نقف فى كمين إرهابيين أو بلطجية. وهذا لا يعنى تجاهل إصلاح الجيش والشرطة والتزامهما التام بالقانون. الحل: إصلاح مؤسسات الدولة المتدرج على مدى زمنى طويل نسبياً هو الحل. خامساً، هناك فجوة جيلية فى مصر جعلت الشباب ينظرون بعين الريبة لمن لا يشاركونهم روح التمرد والاندفاع التى عندهم. والغياب الملحوظ للشباب فى الاستفتاء الأخير مؤشر على أنهم وجدوا أنفسهم فى حالة «اغتراب» عن الطبقة السياسية وأحسوا أن مكانهم الطبيعى ليس عبر الأطر الرسمية للتعبير عن الرأى. وهذا مؤشر خطر. الحل: التوجه المباشر للشباب بالحديث إليهم والاستماع لهم وتوضيح الحقائق من قبل المسئولين فى الدولة، هى مسألة أمن قومى؛ لأن هؤلاء الشباب هم الطبقة السياسية الأكثر نشاطاً ورغبة فى المشاركة، ولكن ليس عبر الأطر البالية القائمة على الحشد والتجييش والتعبئة التى اعتدنا عليها فى الستين سنة الماضية. سادساً، أسباب الثورة التى أنتجت 25 يناير لم تختف، ولكن إدراكنا لها تراجع لأن شبح اللادولة هدد مصر بشدة، لذا فالقوى المطالبة بالتغيير لم تمت، ولن تموت. ولكنها ستختفى مرحلياً ثم تعود إلا إذا بدأت الدولة فى برنامج طموح من أجل علاج مشاكل مصر العميقة: الجهل، الفقر، المرض، الظلم، الاستقطاب، الإنجاب بلا حساب. الحل: ألا نخدع أنفسنا والآخرين بحلول جزئية، وإنما يكون برنامج عمل الحكومة القادمة جاداً ومقنعاً وواقعياً فى علاج الأمراض السابقة. سابعاً، الشعوب تتعلم ولها منحنى تعلم مثل الأفراد والخبرات الجماعية تؤدى إلى تراكم معارف جماعية.. وأهم درس أتمنى أن نكون قد تعلمناه هو أن تكون علاقة المصريين بمن يحكمهم لا ينبغى أن تقوم على «الولاء الشخصى المطلق»، وإنما على «الولاء الوظيفى المشروط». نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سبع حقائق نكرهها لكنها حقائق سبع حقائق نكرهها لكنها حقائق



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon