توقيت القاهرة المحلي 16:44:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا حدث فى غانا؟

  مصر اليوم -

ماذا حدث فى غانا

معتز بالله عبد الفتاح

لنفكر سوياً فيما حدث فى غانا ولكن من وجهات نظر خمس مختلفة، وهى كالأنماط أو النظارات الخمس التى عادة ما نستخدمها فى المواقف المختلفة وفقاً لعلماء نفس المعرفة. النمط الأول: هو نمط التفكير الفلسفى والذى يرى ما حدث فى غانا كحدث بسيط يعبر عن سلسلة من تعقيدات الحياة التى فيها من أسباب الصعود وأسباب الهبوط ما يجعلنا نكرر مع فيلسوف العرب، الزكى النجيب محمود قوله: «والعربى بصفة عامة متفائل بطبعه يعلم فى يقين أن فى الكون تدبيراً (يقصد الإرادة العليا) يكفل أن يعتدل الميزان، ميزان الحياة، فلا يكون نقص هنا ولا يكون إجحاف هناك إلا ابتغاء تكامل أسمى لا يترك مثقال ذرة من الخير أو من الشر إلا ليعقب عليه بما يوازنه. إذن، تخرج من التفكير الفلسفى وعندك رؤية بأن ما حدث ليس نهاية العالم، بل هو جزء من أسباب استمرار العالم بأن يظل هناك تنافس على أمل النجاح، ومن ينجح اليوم، فقد يكون هو الخاسر غداً، فلا حزن دائم ولا سعادة دائمة. النمط الثانى هو نمط التفكير الخرافى والذى يفسر ما حدث فى هذه المباراة استناداً إلى أمور غيبية مثل الحسد أو السحر أو أن فريقنا كان «معمول له عمل» ترتب عليه «عكوسات» أدت إلى الهزائم المختلفة، وبالتالى يكون المنطق هو أن السحر الغانى هزم السحر المصرى، وعلينا أن نجتهد فى أن «نعمل لهم عمل» يجعلنا نغلبهم بعدد أكبر من الأهداف. النمط الثالث هو نمط التفكير العاطفى والذى لا يتعامل مع أسباب الهزيمة وإنما يعبر عن مجموعة المشاعر المحتملة تجاهها مثل الضيق والحزن والإحباط والتشفى والغضب وتفريغ الطاقة السلبية والسخرية من المدرب واللاعبين والحكام واتحاد الكرة وربما السلطات الحاكمة حالياً أو سابقاً، وهو نفس النمط الذى نستخدمه حين نفرح فرحة غامرة تجعلنا نتجاهل التزاماتنا وربما تكون هذه الفرحة بذاتها سبباً فى حزن لاحق، إذا لم تكن فى إطار الاعتدال والتوازن المطلوب. النمط الرابع هو نمط التفكير العلمى وهو الذى يبحث فى الأسباب المباشرة للهزيمة: فترة الإعداد، مهارة وخبرة اللاعبين، مهارة وخبرة الجهاز الفنى، خطة المباراة، التفاوت فى قدرات اللاعبين المصريين ومنافسيهم الغانيين، ولو كنا علميين بجد، فسنجد أنفسنا نفرق بعين الخبير بين لاعب ولاعب، فبعضهم لم يزل فيه أمل وآخرون لا أمل فيهم. هنا التفكير العلمى يهتم بتفاصيل التفاصيل ويحيد العواطف قدر المستطاع بحثاً عن العلل والأسباب الحقيقية ويتفكر فى عواقب أى قرار أو بديل، وليس مجرد تفريغ طاقة الغضب فى الجميع. النمط الخامس هو نمط التفكير الدينى وهو الذى يسىء بعض الناس استخدامه بأن يستخدموا آيات وأحاديث فى غير موضعها كقول أحدهم عن الهزيمة من غانا: «وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون»، والآية تتحدث عن أمور إيمان وعقيدة وليست عن مباريات كرة القدم، ومن يحسن فهم التفكير الدينى فسيجده الأكثر حضاً على النظرية العقلانية للأمور بما يعلى من نمطى التفكير الفلسفى والعلمى، ويضع قواعد على نمطى التفكير العاطفى والخرافى، ولكن نصوص الدين متاحة للجميع: عقلاء ومجانين، وهناك من يأخذ نمط التفكير الدينى كغطاء لنمطى التفكير العاطفى والخرافى، وبعض المصريين مبدعون فى هذا الأمر. ما الفائدة من كل ما سبق؟ ثلاث فوائد. أولاً: احذر كل من لا يعرف الفروق بين طرائق التفكير المختلفة هذه، حتى وإن كانت معرفته ليست بالطريقة المدرسية الواردة فى هذا المقال، لكن على الأقل يعى أن الشخص نفسه يمكن أن يصل إلى استنتاجات مختلفة لو فقط غير طريقة تفكيره. ولعل هذا ما يفسر التوجيه النبوى بأن يجلس الغاضب إن كان واقفاً أو أن يتعوذ من الشيطان أو أن يتوضأ حتى يعطى لنفسه فرصة أن يغير من نمط تفكيره عساه يرصد معلومات أو وجهة رؤية لم تكن متاحة له. ثانياً: الخلطة الغالبة على المصريين بطلها التفكير العاطفى القائم على الادعاء الفلسفى المغلف بالشعارات الدينية وكمية متفاوتة من التفكير الخرافى، ولا عزاء للعلم الغريب فى مجتمعاتنا. ثالثاً، لا يظن أحد أن مقالاً كهذا سيغير شيئاً، إنما هى تنفيسة أو تسلية على أقصى تقدير. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا حدث فى غانا ماذا حدث فى غانا



GMT 03:29 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

كلمة بايدن متنزلش الأرض أبدًا!

GMT 03:27 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

الدنيا بخير

GMT 03:25 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

لا «نزوح» نحو ترامب ولكنهم قد يمتنعون

GMT 03:11 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

مهرجان كان الـ77 يرسم ملامحنا ونرسم ملامحه

GMT 03:07 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

كان إذا تكلم

GMT 03:05 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

في ميدان محطة مصر

GMT 02:43 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

أين الزلازل يا شيخ فرنك؟

نانسي عجرم بإطلالات خلابة وساحرة تعكس أسلوبها الرقيق 

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:54 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

ديكور فخم في منزل شذى حسون في برج العرب

GMT 13:39 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب كيرمان في شرق إيران

GMT 13:44 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

«الزراعة» تواصل خطتها لخفض استهلاك المبيدات الكيماوية

GMT 01:58 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

شالكه يسقط أمام كولن بالوقت القاتل في الدوري الألماني

GMT 06:57 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

التمدد أكثر فعالية من المشي لخفض ضغط الدم المرتفع

GMT 20:35 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل معجنات الثوم

GMT 07:25 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

توقعات العام 2021 لبرج الجدي وفق بطاقات التارو
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon