توقيت القاهرة المحلي 14:58:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هوّ انت صوفى ولا إخوان؟

  مصر اليوم -

هوّ انت صوفى ولا إخوان

معتز بالله عبد الفتاح

كنت أجلس مع مجموعة من الأصدقاء ومعهم أصدقاء لهم لا أعرفهم. وبعد حوار وأخذ ورد قلت عبارة: «الله يخرب بيت السياسة، صراع على حطام أفقد الناس إنسانيتهم».
وهنا تحول الحوار إلى نقاش حول ماهية السياسة.
وكانت الإجابة أن السياسة، وفقاً لما ينبغى أن يكون، هى حل مشاكل الناس، أو كما يقول التراث العربى الإسلامى هى «القيام على الأمر بما يُصلحه». ولكن السياسة وفقاً لما هو قائم وكائن فى واقع الناس المعيش هى صراع (فى المجتمعات المتخلفة) وتنافس (فى المجتمعات المتقدمة) على تحديد من يحصل على ماذا متى وكيف ولماذا. بعبارة أخرى صراع أو تنافس على من يكون فى الرئاسة ومن يكون على قمة حزب من الأحزاب ومن يحصل على أى قطعة أرض وهكذا.
السياسة بالمعنى الأولى تستهوينى وأجد فيها واجباً إنسانياً وأخلاقياً. أما السياسة بالمعنى الثانى فهى شر أتجنبه بكل ما أوتيت من قوة، إلا أن يكون البديل هو خيانة الوطن والتخاذل عن تحمل المسئولية بشرط توافر أسباب «القيام على الأمر بما يُصلحه».
عادة ما كنت أقول إن علاقتى بالسياسة مثل علاقة راكب الطائرة بالطائرة. أنا فيها اضطراراً وليس اختياراً. أنا أكره السفر ولكن لا بد منه. أجلس فى مقعدى فى الطائرة وأتمنى ألا أعرف حتى من هو قائد الطائرة وليس لى أى طموح أن أعمل فى مجال الطيران من الأصل. وكل أملى أن تهبط الطائرة بى وبغيرى بسلام وألقى ربى وليس فى رقبتى دم أو ظلم أو ذنب. ولو كنت مضطراً للاختيار بين ذنب دون ذنب، فسأختار الذنب الأدنى تجنباً للذنب الأكبر، وأختار الظلم الأدنى دون الظلم الأكبر، وهكذا.
ولكن ماذا لو حدثت مشكلة فى الطائرة وأصبح واجباً علىّ أن أساعد؟ ماذا لو كان مطلوباً منى أن أقوم من مقعدى لأجلس فى مقعد آخر؟ ماذا لو كان مطلوباً منى أن أساعد قائد الطائرة فى أمر ما يراه ضرورياً لوصول الطائرة إلى بر الأمان وأظن فى نفسى أننى قادر عليه؟
هنا تتحول المسألة من «هل أريد» إلى «هل أستطيع» إلى «توكلت عليك يا رب».
قال إبراهيم بن أدهم الصوفى المشهور: «وآخر ما يخرج من قلب العارف بالله حب الرئاسة». والغريب أن نفس المعنى قال به أفلاطون معللاً كلامه بأن شهوة الحكم من أكبر الشهوات لأنها الشهوة التى لو تحققت يظن المرء أنه يستطيع من خلالها الوفاء بكل ما دونها من شهوات. حب الرئاسة مثل حب المال وحب الشهرة وحب الطعام وغيرها من الشهوات، إما أن تملكها أو أن تملكك. ومن يسر الله له أن يسيطر على شهواته فقد جعل له حظاً عظيماً. ونسأل الله أن نكون من هؤلاء.
قال أحدهم: «ولكن هذا كلام ناس صوفية وأنا فاكرك إخوان».
كان ردى: أنا لا صوفى ولا إخوان، ولا أنتمى لأى تيار فكرى أو سياسى ليس عن جهل وإنما بعد اطلاع عليهم جميعاً واكتشافى أنها محاولات لطرح حلول بشرية لمشاكل لا أواجهها على المستوى الشخصى. لا أنكر على غيرى اختياره ولكن لكل واحد منا رؤيته للحياة فى حدود معلوماته وخبراته وطموحاته.
أعظم ما فى الحياة أن تعبرها كعابر سبيل. قال أحدهم: ألا تحب أن تذكرك كتب التاريخ؟ قلت: بلى. أحب أن تذكر عنى أنى الشخص الذى رفض أن تذكره كتب التاريخ لدرجة أنها أغفلت اسمه. بصراحة أنا شايف إن كل واحد فينا محتاج أن يذهب إلى قبر أى من أصدقائه أو إخوانه القريبين منه فى السن ويسأل نفسه: لماذا هذا مات وأنا حى؟ هل نفعه ماله وعياله ونفوذه وسطانه إلا بقدر ما اتقى الله فيهم؟ متى سألحق به؟
أخشى أننا نطغى ونؤثر الحياة الدنيا.
ربنا يستر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هوّ انت صوفى ولا إخوان هوّ انت صوفى ولا إخوان



GMT 11:00 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

أداء المنتخب وراء «الفوز المهم»

GMT 11:00 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

عن الصور والمصورين.. والشخصيات العامة

GMT 10:58 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 10:56 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 10:56 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 10:54 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 10:53 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 10:49 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 09:16 2022 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

سيارات هيونداي ترفع النقاب عن نسختها الجديدة سانتافي 2023

GMT 10:23 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

Razer تعلن عن أحد أفضل الحواسب لمحبي الألعاب

GMT 09:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

ترتيب الدوري المصري 2021 بعد نهاية الجولة 23

GMT 10:37 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

تعرف على من هو أحمد مناع أمين مجلس النواب 2021

GMT 07:00 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

4 أمور يُستحبّ فعلها قبل صلاة عيد الفطر المبارك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt