توقيت القاهرة المحلي 13:36:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل نعبد «الدين».. أم نعبد «الله»؟

  مصر اليوم -

هل نعبد «الدين» أم نعبد «الله»

معتز بالله عبد الفتاح

طرحت هذا السؤال نفسه من قبل، وأعيد النقاش عساه يفيد هذه المرة.

أحياناً أشعر بأننا أصبحنا نحب «الدين»، ونسينا «الله». كم المجهود المبذول فى النقاشات الفقهية والفلسفية والفكرية والسياسية حول العبادات والمعاملات والسلوكيات والدعاة والمشايخ يجعلنى أتساءل: هل نحن لدينا وقت أو طاقة، كى نعبد الله وفقاً لمقصده منا؟ أم أننا ننتصر لأنفسنا ولمذهبنا وشيخنا ضدهم وضد مذهبهم وضد شيخهم؟

تعاملنا مع الدين هو تعاملنا نفسه مع التعليم. لقد نسينا أن وظيفة التعليم هى «العلم»، واختزلنا «التعليم» فى الشهادة. وأظن أن الكثير منا لو أتيحت له فرصة أن يحصل ابنه على الشهادة من غير تعليم، ما وجد مشكلة كبيرة، ولو أمكن شراء الامتحان بالإجابة من المدرسين ويمتنع أولادنا عن الذهاب للمدارس أو حتى للدروس الخصوصية، لأقبل الكثيرون على هذا بلا غضاضة.

وتعاملنا مع الدين هو تعاملنا نفسه مع الرياضة. نحن نشجع الأندية ونتمنى أن يفوز النادى الذى نشجعه حتى ولو بالزور والتزوير. ورغماً عن أن الأصل فى الرياضة أنها فعل فردى الهدف منه الحفاظ على بدن الإنسان صحيحاً وحالته المزاجية معتدلة، لكن أغلبنا يقضى الساعات يتابع مباريات رياضية ولا يمارس الرياضة الشخصية على الإطلاق.

نحن نحب الخناقة فى الدين، ونحب الفتاوى الدينية الشاذة، ونطرب لها ونستمتع بها، ولكننا ننسى أن الأصل هو أن نكون إلى الله أقرب «حباً» فى «الله» والتزاماً منا بما جاء فى نصوص دينه المقدسة. لكن الخناقة عن البخارى ومدى صحة ما نُسب إليه أو ورد عنه، ليست تقرباً إلى الله بقدر ما هى خناقة عن «من هم المتحدثون باسم الله». لو سقط البخارى، من وجهة نظر فريق، لسقطت سلطة «النص» وأصبحت أمور الدين مسألة عقلية بحتة يتساوى فيها كل ذى رأى بغض النظر عن الخلفية الدراسية والمعرفية، ولو بقى البخارى، من وجهة نظر فريق آخر، لبقيت سلطة النص وأمكن الدفاع عنه بالنفوذ المهيمن عليه من قبل من يدعون أنهم يفهمون «النص» أكثر من غيرهم بحكم التخصص والدراسة.

ومفهوم تماماً أن الإجابة المنطقية للسؤال الوارد فى عنوان المقال هى أننا نعبد الله، ولهذا نتعبد (أى نقيم العبادات) وفقاً للدين الذى أرسله الله لنا على رسله وأنبيائه الذى هو جوهره التوحيد (لا إله إلا الله)، وقوامه العدل (فكل ما هو ظلم فليس من الدين)، وجوهره الإحسان (بما يحمله من رحمة ومغفرة) وآياته الأخلاق وحسن التعامل مع الناس، وأعمدته العبادات التى تضمن كل ما سبق، وهدفه إعمار الأرض فى الدنيا، ورضا الرب فى الآخرة.

الصلاة صلة بين الإنسان وربه، الذى صلّى ولم يستشعر هذه الصلة، فهو لم يصلّ حتى إن سقط عنه فرض الصلاة. ومن استشعر الصلة فهو فى صلاة سواء بالدعاء أو بالذكر أو فى الرحمة بعباده والحرص عليهم ونصرتهم ضد ظالمهم.

الخالق لا ينظر إلى صورنا وحركاتنا وأشكالنا، ولكنه ينظر إلى قلوبنا ليرى فينا حبنا له.

الخالق لا ينتظر منا دماء الأضحية أو لحومها، ولكنه ينتظر التقوى منا ليرى فينا حبنا له.

الخالق لا ينتظر منا الامتناع عن الطعام والشراب فى رمضان، ولكنه ينتظر التقوى منا ليرى فينا حبنا له.

الخالق لا ينتظر منا تعب ومشقة الحج، ولكنه ينتظر منا الذكر والشكر ليرى فينا حبنا له.

حد يفكرنى هو داعش بيقتلوا وبيذبحوا الناس ليه؟

حد يفكرنى هو الإخوان الذين يدعون أنهم يحملون الخير لمصر بيعملوا الشر اللى بيعملوه ليه؟

حد يفكرنى هو إحنا موجودين على الأرض ليه؟

لو فيه شىء واحد أحب أن أراه فى «الثورة الدينية» المفترض أن يكون «حب الله» وليس «المتاجرة بالدين» هو بوصلتها وجوهرها.

الدين هو وسيلتنا لحب الله، وليس الله، سبحانه وتعالى، هو أداتنا لإرضاء غرور أنفسنا بالانتصار لمذهب على مذهب أو مدرسة فقهية على مدرسة فقهية، أو فصيل سياسى على فصيل سياسى. والله أعلم.

ربنا لا تؤاخذنا، لأننا نسينا وأخطأنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نعبد «الدين» أم نعبد «الله» هل نعبد «الدين» أم نعبد «الله»



GMT 08:52 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 08:47 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 08:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 08:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 08:40 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صناعة النفط السورية... فرص كبيرة

GMT 08:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 08:34 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt