توقيت القاهرة المحلي 16:51:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل عند مصر استراتيجية؟

  مصر اليوم -

هل عند مصر استراتيجية

معتز بالله عبد الفتاح

دعونى ابتداءً أستعِن بما كتبه «ملاذ المدنى» فى موقع «أراجيك» لتوضيح الفرق بين التكتيكى والاستراتيجى. يقول «ملاذ»:

فى العام 1940 عندما كان القائد الألمانى «روميل» متوغلاً مع قواته فى الأراضى الفرنسية تفاجأ بوجود مئات من الدبابات والمدرعات الفرنسية والإنجليزية التى تحاصره. وبعد عدة أيام من الحصار ومع بداية تقهقر وتراجع القوات الألمانية أدرك روميل أن أسلحة مضادات الدبابات 37 ملم ليست بالقوة الكافية لخرق هذا الحصار، ولكن ما البديل؟ فبحسب الخطة من المفروض ومن المنطقى استخدام مضادات الدبابات 37 ملم لمواجهة الدبابات والمضادات!

المدافع الوحيدة ذات القوة التفجيرية والدقة القصوى عند إطلاقها هى مضادات الطيران 88 ملم، ولكن هذه المدافع مصممة لمواجهة الطائرات ولم تُستخدم من قبل لضرب الدبابات والمدرعات! ولكن بالرغم من وفرة مدافع مضادات الدبابات لدى القوات الألمانية، أمر روميل بخفض فوهات مدافع مضادات الطيران لاستخدامها فى مواجهة الدبابات والمدرعات، ولأول مرة فى تاريخ الحروب المعاصرة.

كانت النتيجة أن أصبحت الدبابات الفرنسية والإنجليزية كقشور البيض المتناثرة واستطاع روميل من خلال تغيير خطته واستخدام مدافع 88 ملم أن يخرق الحصار ويتابع توغل القوات الألمانية فى فرنسا حتى سقوط باريس. ومن بعد هذه المعركة أصبحت مدافع 88 ملم أكثر المدافع شهرة فى تدمير المدرعات والدبابات ودمرت مدافع مضادات الطيران 88 ملم أكبر عدد من الدبابات من أى مدفع آخر مع نهاية الحرب العالمية الثانية.

لم تكن مدافع 88 ملم مصممة لمواجهة الدبابات، ولكن روميل غيّر من غاية هذه المدافع وكيّفها لتناسب حاجته، ولو أنه لم يغيّر من خطته وتابع استخدام مضادات الدبابات التقليدية ما استطاع تدمير القوات الفرنسية والإنجليزية ومتابعة احتلاله لفرنسا. أدرك روميل أنه لا بد من التكييف، وأن استخدام مضادات الدبابات كجزء من الاستراتيجية طويلة المدى لهذه الحرب لا بد من تغييره، ويجب استخدام تكتيك سريع يحقق غايته.

الاستراتيجية هى الالتزام بالخطة، فى حين أن فحوى التكتيك هو تكييف الخطة حسب الموقف.

الاستراتيجية هى الخطة الشاملة للوصول إلى الهدف النهائى، فى حين أن التكتيك هو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئى.

الاستراتيجية طويلة وبطيئة وبعيدة المدى، فى حين أن التكتيك هو ردة فعل وقصير المدى.

توضع الاستراتيجية لنتائج مستقبلية، فى حين أن التكتيك لنتائج حالية.

الاستراتيجية تقوم على التخطيط والتفكير المنطقى، بينما التكتيك يقوم أكثر على الإبداع.

كان الألمان يُلحقون خسائر فادحة بقوات الحلفاء فى بداية الحرب، وذلك بسبب حنكة القادة الميدانيين التكتيكيين الذين كانوا يتكيفون مع مجريات المعارك بسرعة، ولكن فى النهاية خسرت ألمانيا الحرب، وذلك لعدم وجود استراتيجية شاملة من القيادة العليا التى زجّت بها بالنهاية فى حرب مع الاتحاد السوفيتى الذى أنهك القوات الألمانية، وكان السبب فى خسارتها للحرب.

الخلاصة: بالتكتيك تربح معركة، وبالاستراتيجية تربح الحرب!

أزعم أن معظمنا يجيد فن ومهارة المراوغة السريعة المباشرة للخروج من مأزق ما دون أن نفكر استراتيجياً بالقدر الكافى. والجهة الوحيدة التى فكرت استراتيجياً هى التى حسمت معركة الثورة - الفوضى لصالحها، بل للصالح العام.

أكثر ما يقلقنى فى مصر أن معظم المؤسسات تعمل بمعزل عن بعضها، بل أحياناً داخل المؤسسة الواحدة تجد أن هناك غلبة للتفكير التكتيكى المباشر على حساب التفكير الاستراتيجى متعدد الأبعاد ومتعدد المراحل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل عند مصر استراتيجية هل عند مصر استراتيجية



GMT 08:52 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 08:47 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 08:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 08:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 08:40 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صناعة النفط السورية... فرص كبيرة

GMT 08:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 08:34 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt