توقيت القاهرة المحلي 01:14:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مبروك «حمزة نمرة»

  مصر اليوم -

مبروك «حمزة نمرة»

معتز بالله عبد الفتاح

إن المجتمع الراكد فى أفكاره كالماء الراكد فى حركته تضيع منه حيوية الفكر والفكر المقابل وما بينهما من جدل يولد أفكاراً جديدة ومبتكرة؛ فمعظم مشكلات المجتمع الحديث ليست لها حلول بديهية أو فطرية يستنتجها شخص بذاته وهو فى عزلة عن الآخرين وإنما هى مشكلات معقدة تستدعى حلولاً جدلية مدروسة يدلى فيها كل صاحب رأى برأيه، ويعبر فيها كل صاحب مصلحة عن مصلحته.

وقد قالها عزيز أباظة فى إحدى مسرحياته الشعرية: ليس بالقمع تقتل الرأى إن القمع يليه (أى يعطيه) قوة وانتشاراً.

ولنعد لخبرة غير مصرية وهى رواية «آيات شيطانية» لسلمان رشدى، تلك الرواية التى طبعت منها إحدى دور النشر البريطانية خمسين ألف نسخة ومن خبرة سلمان رشدى مع رواياته الثلاث السابقة كان هذا العدد من النسخ يتطلب أربعة أعوام حتى ينفد. إلى أن قرر الإمام الخمينى أن «يدافع عن الإسلام» فأصدر فتواه الشهيرة، التى بموجبها أصبح سلمان رشدى مطلوباً للقتل، وأصبح كتابه واحداً من أكثر الكتب مبيعاً فى العالم، ووصلت مبيعاته فى عام 1990، أى بعد عام من الفتوى الشهيرة للإمام الخمينى إلى 4 ملايين نسخة بثمانى لغات. أى بدلاً من أن الكتاب كان يقرأ بمعدل خمسين ألف نسخة فى الأربع سنوات أصبح يقرأ بمعدل 4 ملايين نسخة فى العام الواحد، ولا تزال الرواية تباع على نطاق واسع حتى الآن، ويا لها من خدمة للإسلام، يشكر سلمان رشدى الإمام الخمينى عليها فى محاضراته العامة، كما سمعت منه شخصياً حين زار الجامعة التى أعمل بها فى الخارج.

نعود لحمزة نمرة ومنع أغانيه من الإذاعة المصرية.

لست سمّيعاً للأغانى بصفة عامة، ولكن أعلم أن لأغانى حمزة حساً إنسانياً لا أجده فى معظم ما أسمعه من أبناء جيله وله معجبون كثيرون بين الشباب على كل فئاتهم.

هناك أربعة أسئلة بحثت لها عن إجابات.

لماذا يتم منع أغانيه؟ هذه قضية.

ولماذا يتم منع كل أغانيه؟ هذه قضية ثانية.

ولماذا يتم «الإعلان» عن منع أغانيه؟ هذه قضية ثالثة.

وهل هذا المنع «سياسى» أم «بيروقراطى»؟

وفقاً لنظرية الاحتمالات، كان من الممكن أن يتم منع الأغانى التى لا تتفق مع التوجه السياسى للإذاعة، وتتم إذاعة الباقى.

وكان من الممكن أن يتم المنع دون الإعلان عن المنع. ما كان لأحدنا أن يعرف مثلاً أن المغنى فلان الفلانى قد منع وفقاً لنظرية أنك تعرف أن تفسر لماذا يحدث أمر ما، ولكن لا تستطيع أن تفسر لماذا لا يحدث أمر ما.

وأخيراً، هل هذا المنع سياسى أم بيروقراطى لمجرد أن «حمزة» ليس مغنياً معتمداً فى الإذاعة المصرية كما قيل.

طيب، وأوجع قلبى ليه؟

أتيحت لى فرصة النقاش مع أحد المقربين من الرئيس السيسى بشأن هذا الموضوع، وأبلغنى الرجل أن الرئاسة لم تكن على علم بهذا الموضوع على الإطلاق وبعد أن تناقشنا فى الموضوع قليلاً تبين أن القرار إما بيروقراطى بحت وبلا رؤية سياسية، أو أنه قرار أمنى بحت وبلا رؤية سياسية أيضاً، أو أنه قرار يعبر عن نظرية «الدببة» التى تقتل صاحبها وهى تحسب أنها تحسن صنعاً.

«حمزة» واصل لجمهوره وقادر على أن يبلغ رسالته بطريقته دون أى حاجة للإذاعة المصرية.

ما خسر «حمزة» شيئاً، ولكننا نخسر كل يوم شيئاً جديداً يؤكد أننا نتحرك بلا بوصلة واضحة.

مبروك يا «حمزة»، منعوك لتنتشر.

وربنا يستر على مصر من «الدببة» الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبروك «حمزة نمرة» مبروك «حمزة نمرة»



GMT 08:11 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

المبالغة في التحذيرات “مثل قلتها”

GMT 08:09 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

حقّاً أهرام

GMT 08:08 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

أمامَ محكمة الرُّبعِ الأول

GMT 08:07 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

مِثال علاء عبد الفتاح

GMT 08:06 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لبنان ومخاطر الإدارة المجتزأة

GMT 08:05 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لقاء فلوريدا غير مسموحٍ له بالفشل

GMT 08:04 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحكاية ليست «الملحد»

GMT 08:02 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

فى متحف الشمع!

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:46 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
  مصر اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt