توقيت القاهرة المحلي 11:24:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاجل إلى المصريين: احذروا النضال بلا قضية

  مصر اليوم -

عاجل إلى المصريين احذروا النضال بلا قضية

معتز بالله عبد الفتاح

كم «ألونسو» يصطنع النضال يعيش بيننا؟
تعالوا نعرف الإجابة مما كتبته الأستاذة ناريمان ناجى بعنوان «الدون كيشوتيون الجُدد».
تقول «ناريمان»: فى عام 1605، حيث لم يكن هناك سوى الطبيعة والخيال وبينهما ما توصل إليه الإنسان باجتهاده، كتب الروائى الإسبانى ميجيل دى سيرفانتس «Miguel De Cervantes» رواية عن رجل اسمه ألونسو كيخانو، قارب على الخمسين من العمر، منفصلاً عن الواقع والحقيقة تماماً، عاش حلم الفروسية رغم أنه لا يملك أياً من مقوماتها أو حتى أدواتها. واستغرق فى الخيال حتى صار الحلم وهماً، والوهم كابوساً حينما فرض «ألونسو» نفسه على الآخرين كحقيقة وأمر واقع مبنيين على الكتب والأحداث الخيالية.
حاول «ألونسو» أن يرسم معالم بطولته من سطور كتب الفروسية والشهامة القديمة التى كان مولعاً بقراءتها لدرجة أنه ففقد عقله من قلة النوم والطعام وكثرة قراءة هذه الكتب، ولأنه لم يكن مُلماً بمستجدات الحياة فى زمانه، قرر أن يجعل من الأساطير التى يقرأها واقعاً، فترك منزله وشد الرحال كفارس شهم يبحث عن مغامرة تنتظره، وأخذ يتجول عبر البلاد حاملاً درعاً قديمة ومرتدياً خوذة بالية مع حصانه الضعيف حتى وصفوه بفارس الظل الحزين.
وبمساعدة خياله الفياض، كان «كيخانو» يحول كل العالم الحقيقى المحيط به إلى عالم خيالى خاص به، فيه تتحول الأشخاص والأماكن المعروفة بمجرد ظهورها أمام عينيه إلى ميدان خيالى يحتاج إليه للقيام بمغامراته، وفيه أيضاً يغير طريقته فى الحديث ويتبنى عبارات قديمة تتناسب مع عصر الفرسان الذى قرأ عنه.
كانت «طواحين الهواء» التى لا يعرف حقيقتها هى أول ما قرر «كيخانو» محاربته، ظنها شياطين ذات أذرع، فتحمس لمحاربتها وغرس فيها رمحه، فدارت به فى الهواء وألقته أرضاً لكنه ظل يرى نفسه مصلحاً للكون وفارساً، بينما أهل القرية يتعجبون من محاربته الطواحين التى تسهل عليهم حياتهم. استمر فى وهمه واستكمل مسيرته التى يظنها معارك بطولية. وذات مرة قابل قطيعاً من الأغنام فظنه جيشاً زاحفاً جراراً فاندفع بفرسه ليخوض المعركة، قتل عدداً من الأغنام الذين كانوا فى خياله جنوداً وفقد هو نفسه بعض الأضراس فى معركته المصطنعة..
لم يتعلم «دون كيشوتيون» يوماً من أخطائه فضاق الحال بجيرانه حتى ألقوا القبض عليه وأعادوه إلى قريته داخل قفص..
وبعد قرون تزيد على الأربعة.. وفى عام 2014..
نجد أن شيئاً من هذا يحدث فى مصر..
الـ«دون كيشوتيون» المصريون مختلفون، متنوعون، متوسعون، مبتكرون ومتفوقون على النموذج الإسبانى الأصلى.. لا تجمعهم فئة عمرية واحدة أو نوع واحد أو تخصص واحد أو حتى أيديولوجية واحدة.. منهم الشباب ومتوسطو العمر والشيوخ والكهلة، منهم الرجال والنساء، منهم المدنيون والإسلاميون، منهم الإعلاميون والأدباء، والمسئولون والسياسيون والحزبيون والمتخصصون فى كل المجالات.. يختلفون عن «ألونسو» فى هذه التفاصيل، لكنهم يشتركون معه فى حلم الفروسية والشهامة والبطولة الزائفة الذى يراودهم دون أن يصلح أحد منهم لذلك، ودون أن يملك أى منهم الأدوات والمقومات، فاستغرقوا فى وهم المؤامرات الداخلية والخارجية، الفردية والجماعية، وحوّلوا كل ما يخالفهم ومن يخالفهم إلى طواحين هواء يجب محاربتها.. تعليقى الوحيد أننا بالفعل نعيش عصر اصطناع البطولة، من خلال اصطناع النضال. أعداء مصر الحقيقيون هم الجهل والفقر والمرض والإهمال والفوضى والإنجاب بلا حساب. وأى جهد يبذل فى غير هذا الاتجاه فالقائمون عليه يلعبون دور «ألونسو»، يضيعون وقتنا وجهدنا وطاقتنا فيما لا يفيدنا.
"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاجل إلى المصريين احذروا النضال بلا قضية عاجل إلى المصريين احذروا النضال بلا قضية



GMT 10:50 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

حكم ترامب والأصوات المتأرجحة

GMT 10:49 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

سوبر مصرى بنكهة إفريقية

GMT 04:18 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

على بحر الرجز

GMT 04:15 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

من طوفان الأقصى إلى طوفان الإنسانية

GMT 04:13 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

حضرة صوفية في جلسة سياسية

GMT 04:10 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

الوالدية الإيجابية

GMT 04:08 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

قذائف الكراهية لا تفيد

GMT 04:06 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

افتحوا الحدود وحاربوا!

الإطلالات البراقة اختيارات نانسي عجرم في المناسبات

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 23:49 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

مي عمر تؤكد استمتاعها بالعمل مع أحمد السقا

GMT 08:52 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

الفنان رامي عياش يتعرض لـ"خيانة" ويرد بـ"حِكمة"

GMT 07:46 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

حدائق منزلية صغيرة خارجية في ملكيات المشاهير

GMT 15:00 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

"مان سيتي" يعود لصدارة الدوري بعد "سداسية" تشيلسي

GMT 12:37 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة تحضير فطيرة بالليمون الحامض والشوكولاتة

GMT 22:38 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونخ يخطط لخطف نجم دورتموند

GMT 16:46 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخص خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في الجيزة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon