توقيت القاهرة المحلي 04:49:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزهر والسلطة (2-3)

  مصر اليوم -

الأزهر والسلطة 23

عمار علي حسن

... بدأ الدور السياسى لشيخ الأزهر يبرز فى ظل مشيخة الإمام محمد الحفنى (1757-1767)، الذى بلغ فى هذا المضمار شأناً عالياً، رسم الجبرتى ملامحه قائلاً: «كان شيخ الأزهر محمد الحفنى قطب رحى الديار المصرية، ولا يتم أمر من أمور الدولة وغيرها إلا باطلاعه وإذنه». وقاد احتجاج الشيخ أحمد العروسى على إساءة الوالى العثمانى أحمد أغا لأهالى الحسينية إلى صدور فرمان سلطانى بعزل هذا الوالى. واضطر خلفه إلى أن يحضر إلى الأزهر ليسترضى علماءه. وبعد العروسى كان الأزهر على موعد مع رجل زاوج بين الدين والسياسة، فى الفكر والحركة، وهو الشيخ عبدالله الشرقاوى (1793-1812)، الذى عاصر هبات المصريين ضد الحملة الفرنسية، وكان واحداً من رموز الشعب آنذاك، وحشد طاقة الأزهر فى طليعة مقاومة الاحتلال، وعينه نابليون بونابرت ضمن عشرة فى «مجلس الشورى» الذى أنشأه لاسترضاء المصريين. وكان الشرقاوى ممن أخلعوا الولاية على محمد على واشترطوا عليه الحكم بالعدل، لكنه نقض العهد، وتخلص من مشايخ الأزهر ومن بينهم الشرقاوى. أما الشيخ الشنوانى (1812-1818) فكان دائماً يسدى النصائح لمحمد على، رغم عزوفه عن الاتصال بمن بيدهم السلطة، وقد كان أيضاً من قادة الحركة الوطنية إبان الحملة الفرنسية. وكان الشيخ حسن العطار من قادة الحركة الوطنية ضد الحملة الفرنسية، وتولى المشيخة بعد تدخل شخصى من محمد على، وكان يميل إلى الاحتفاظ بعلاقة «متوازنة» مع السلطة، مبرراً ذلك بأن مصلحة الأزهر تقتضى ذلك. أما الشيخ إبراهيم الباجورى (1847-1860)، فقد حرص على إعلاء كرامة علماء الأزهر فى مواجهة السلطة، وكان عباس باشا الأول يحضر دروسه، ولم يعبأ باعتراض رجال الحكم على قيامه بتعيين هيئة من العلماء تحل محله فى القيام بأعمال المشيخة حين أنهكه المرض. واصطدم الشيخ مصطفى محمد العروسى (1860-1870) مع السلطة، لاعتراضها على قيامه بفصل عدد من المدرسين بالأزهر رأى أن مستواهم العلمى دون المستوى المطلوب. وكان خلفه محمد المهدى العباسى (1870-1882/1882-1885)، الذى لم يتحمس للثورة العرابية، فتمت إزاحته من منصبه وقت عنفوانها، لكن بعد انكسارها أعاده الخديو توفيق، لكن لم يلبث أن اختلف معه، فطلب إعفاءه من منصبه، فاستجيب له. أما الإمام شمس الدين الإنبابى (1882-1882/1885-1896)، فقد أفتى بعدم صلاحية توفيق للحكم، بعد أن باع مصر للأجانب، مناصراً بذلك عرابى ورفاقه. لكن معارضته للخديو عباس الثانى قادت إلى تدخل السلطة فى شئون الأزهر بإنشاء مجلس إدارة له، نال من صلاحيات شيخه. كما قادت معارضة خلفه الشيخ حسونة النواوى (1896-1900) للحكومة فى إقدامها على تعديل قانون المحاكم الشرعية، إلى إبعاده من منصبه، لكن العلماء تضامنوا معه، فلجأت الحكومة إلى حل وسط بتعيين شيخ يمت بصلة قرابة له هو الشيخ عبدالرحمن النواوى. وتسببت مناصرة الشيخ على محمد الببلاوى لأفكار محمد عبده إلى اصطدامه بالخديو عباس، الذى رفض مقترحاته لإصلاح الأزهر، فما كان منه إلا أن استقال. ولعب خلفه الشيخ عبدالرحمن الشربينى دوراً مضاداً، بعد أن لجأ إليه الخديو ليحارب حركة الإصلاح فى الأزهر بفعل أفكار محمد عبده. لكنه لم يلبث أن استقال عندما تمادى الخديو فى معاداة أنصار الإصلاح. وعارض الشيخ محمد أبوالفضل الجيزاوى (1917-1927) ما انتواه الملك فؤاد من إعلان نفسه خليفة للمسلمين بعد سقوط الخلافة العثمانية، مبرراً ذلك بأن مصر لا تصلح داراً للخلافة، لوقوعها تحت الاحتلال الإنجليزى. ورفض الجيزاوى الاستجابة لطلب الإنجليز بإغلاق الجامع الأزهر إبان ثورة 1919، وصدر فى عهده قانون قيد سلطة الملك فى تعيين شيخ الأزهر، حين أشرك رئيس الوزراء فى هذا. ولم ترق محاولة الحكومة حرمان شيخ الأزهر من بعض الأوقاف الخاصة به، للشيخ المراغى فاستقال، لكنه لم يكن مناهضاً للسلطة، شأنه فى ذلك شأن خلفه الظواهرى، الذى تعاون مع الملك فؤاد فى توسله بالأزهر لكسب الشرعية، وتدعيم سلطته المضادة لمصالح الشعب. وكانت ذريعة الظواهرى فى هذا هى أن مصلحة الأزهر فى التبعية للملك لا للحكومة أو الأحزاب. ونكل الملك فى عهد الظواهرى بعلماء الأزهر، ففصل بعضهم وشرد آخرين، بعد أن صدر قانون خول الملك سلطة تعيين شيخ الأزهر ووكيله، وشيوخ المذاهب الأربعة، ومديرى المعاهد الدينية. (نكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزهر والسلطة 23 الأزهر والسلطة 23



GMT 00:30 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

فن الكذب عند ترامب!

GMT 21:01 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

أحزان عيد القيامة!

GMT 20:58 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

د. محمد غنيم رائد زراعة الكلى

GMT 20:51 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الأمور نسبية؟!

GMT 19:16 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

المفقود والمولود

GMT 19:10 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

نجوم الفضائح والتغييب

GMT 19:01 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

مجرد سؤال ليس إلا

GMT 19:00 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

سلام الأوهام مجددًا!

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

القمر العملاق يزين سماء مصر في ليلة نصف رمضان

GMT 14:36 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

علي زين رجل مباراة مصر والدنمارك في ربع نهائي بطولة العالم

GMT 22:00 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أسوان يدعم صفوفه بالسيد فريد وعمرو رضا قبل نهاية الميركاتو

GMT 10:08 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

منتخب مصر لليد يكشف تفاصيل إصابة أحمد الأحمر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon