توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهم العام والوجع الخاص

  مصر اليوم -

الهم العام والوجع الخاص

بقلم - مصطفي الفقي

أنتمى إلى ذلك النوع من البشر الذى تنعكس لديه الهموم العامة للتحول إلى أوجاع خاصة، ومنذ السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ غداة الاحتفال بعيد العبور ونصر أكتوبر العظيم عام ١٩٧٣، فإذا الأنباء تتوالى عن اشتعال الأحداث بين حركة المقاومة الإسلامية حماس ودولة إسرائيل، فى تصعيدٍ غير مسبوق يوحى بأننا أمام منعطف خطير وتحول كبير فى الصراع العربى الإسرائيلى.

وما زاد من إحساسى بذلك هو ما أشاهده من بالونات اختبار وتصريحات إسرائيلية وغربية متناثرة حول إمكانية قبول مصر باقتطاع جزء من أراضيها على الحدود مع غزة لينتشر فيها الفلسطينيون، تجسيدًا لسياسة التهجير القسرى، وتنفيذًا لمؤامرة قديمة طرحتها إسرائيل وحلفاؤها فى مناسبات سابقة، وهى تعنى باختصار محاولة حل القضية الفلسطينية على حساب أرض مصرية.

وهو ما رفضته مصر من قبل فى ظل حكوماتها المتعاقبة، واستهجنته كمحاولة خبيثة لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، ودق إسفين بين المصريين والفلسطينيين وربما بين الدولة المصرية والدول العربية الأخرى، ولا شك أن تكرار هذا السيناريو والإلحاح عليه يعنى أن ذلك المخطط يقبع فى مقدمة الأفكار الشريرة التى يتمتع بها الإسرائيليون غير مدركين للمخاطر الضخمة التى يمكن أن نتعرض لها نحن وغيرنا، ولقد تضمنت صفقة القرن التى بشر بها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب هذا المفهوم الفاضح فى سلسلة التآمر على الدولة المصرية، باعتبارها الراعية الكبرى للحقوق الفلسطينية.

والداعمة الدائمة لذلك الشعب الباسل فى مختلف المواجهات التى مر بها، والحروب التى تعرض لها، وكأنما قدر مصر أن تدفع الثمن غاليًا فى كل مرحلة. وأنا أتذكر شخصيًا أن الرئيس الراحل مبارك عندما بدأت همسات تتحدث حول هذا المشروع التآمرى قال يومها إن استمرار الحديث فى ذلك السياق هو إنهاء لاتفاقية السلام مع إسرائيل، كما أنه يعنى عودة حالة الحرب بين البلدين.

ولكن عندما وصلت «الإخوان المسلمين» إلى الحكم فى مصر لم يمانع الرئيس الأسبق محمد مرسى فى إعطاء موافقة شفوية للجانبين الإسرائيلى والأمريكى على استقطاع جزء من شمال سيناء يحتوى الفلسطينيين من أهل غزة، وقد أزعجنى ذلك الهاجس دائمًا حتى تحدثت مع صديقى الفريق محمد العصار- رحمه الله- عن المخاوف التى أشعر بها تجاه ذلك الأمر الجلل، فحدد لى العصار موعدًا مع المشير عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع حينذاك، والذى استقبلنى فى حضور الفريق العصار.

موكدًا أن يقظة الجيش المصرى أقوى مما يتصور الجميع، وأن مثل هذه الشائعات لن يكون لها مجال على حساب سيادة مصر على أرضها، باعتبارها حقيقة تاريخية ثابتة منذ آلاف السنين، ومصر التى حررت سيناء بالدم لن تسمح بفقدان بوصة واحدة منها مهما كانت الظروف. إننى أقول ذلك الآن وأنا أتابع فى حزن عميق المواجهات الدامية بين الجيش الإسرائيلى ومقاتلى حماس، حيث تجاوز رد الفعل المسارات المعروفة وتحول إلى عقاب جماعى أقرب إلى عمليات الفصل العنصرى أو الإبادة العرقية.

ولا شك أن ذلك كله ينعكس على حياة الكثيرين وأنا منهم، فيصيبنى بغصة فى الحلق ولوعة فى الفؤاد وحزن عميق يتسلل إلى داخلى، لهذا فإننى أكتب عن انعكاس الهم العام على الوجع الخاص وهو أمر عانى منه جيلى كثيرًا وعاش معه طويلًا، وهو ينعكس فى النهاية على حالة الاكتئاب التى تسود كثيرًا بين الأوساط نتيجة الأخبار السلبية دوليًا وإقليميًا ومحليًا، وما يؤدى إليه ذلك من إحباط يؤثر بالضرورة على حياتنا ومستقبل أجيالنا القادمة التى سوف تواجه بالقطع تحديات كبرى، فى ظل حياة جديدة وعالم مختلف!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهم العام والوجع الخاص الهم العام والوجع الخاص



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon