توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإرهاب ووسائط نقل الطاقة (2-2)

  مصر اليوم -

الإرهاب ووسائط نقل الطاقة 22

عمار علي حسن

وتبرز عملية نقل النفط والغاز الطبيعى باعتبارهما من أهم السلع التجارية الدولية لتظهر الدور الملموس الذى تلعبه الجغرافيا السياسية فى هذا النوع من التجارة. فهذه التجارة لا تقتصر أنشطتها على التنقيب والاستخراج ومن ثم الإنتاج فالاستهلاك، إذ إن هناك مرحلة وسطى بين كل هذا تتعلق بوسائط النقل سواء كان بحرياً من خلال السفن أو الحاويات العملاقة، أو برياً عبر أنابيب تمتد آلاف الكيلومترات وتخترق حدود أكثر من دولة لتربط مراكز إنتاج النفط بأسواق استهلاكه. وفى هذا الصدد هناك دائماً ميزة نسبية للمناطق التى تتسم فيها عملية النقل هذه بالأمان النسبى. فشركات الطاقة الدولية الكبرى لا يمكنها إسقاط هذا العامل من الحسبان، وهى التى تنفق مئات بل آلاف الملايين من الدولارات على عمليات التنقيب والاستخراج والتكرير، وتعلم أن هذا لا معنى له دون نقل النفط المكرر أو الخام إلى الأسواق العالمية. وإذا كانت التطورات التقنية، كما سبق الذكر، تسعى جاهدة إلى التغلب على المشكلات التى تضعها الجغرافيا السياسية فى وجه عمليات نقل الطاقة فإن غياب هذه المشكلات لا يتوقف فقط على ما تتيحه التكنولوجيا الحديثة من وسائل بل هناك ضرورة للنظر فى وجه آخر للمسألة يتعلق باستغلال بعض البشر لأوضاع جغرافية معينة فى تعويق أو تهديد وسائط نقل الطاقة براً وبحراً. فالأنابيب التى تحمل النفط والغاز الطبيعى تخترق صحراوات شاسعة والحاويات العملاقة التى تبحر بهما عليها أن تمر من مضايق تصل المحيطات بالبحار لتنتهى عند موانى الدول المستوردة للطاقة. وهنا تجد بعض القوى السياسية المحتجة، سواء كانت مناوئة لنظام محلى أو تسعى إلى النيل من قوة دولية كبرى تستورد كميات كبيرة من النفط والغاز، فرصة سانحة لتفجير هذه الأنابيب أو مهاجمة تلك الحاويات، من أجل تحقيق بعض أهدافها، التى تنحصر فى احتمالات ثلاثة هى جنى مكاسب مادية عن طريق بيع النفط، والضغط على الحكومات المحلية كى تلبى طلبات مُلحّة لهذه القوى السياسية المعارضة أو التى تمارس احتجاجاً مؤقتاً حيال ظرف محدد، وثالثها إيلام قوى كبرى فى سياق صراع دولى بين إحدى هذه القوى أو بعضها وتلك الدولة وحلفائها، مثلما هى الحال بين الراديكاليين الإسلاميين، وفى مقدمتهم تنظيما «القاعدة» و«الجهاد» من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية من جهة، والتى بدورها أعلنت حرباً لا هوادة فيها على هؤلاء الراديكاليين، خاصة من يجاهرون بعداء واشنطن والتخطيط للإضرار بمصالحها فى الخارج والداخل، بكل جهد مستطاع. فى هذا السياق تطرح قضية تهديد وسائط نقل الطاقة نفسها بشدة على ساحة السياسة الخارجية لبعض الدول المنتجة للنفط والغاز من زاوية، والعلاقات الدولية من زاوية ثانية. فعلى المستوى العام تبين الممارسات السياسية السابقة أن هناك إدراكاً لحدوث انعكاس تلقائى لبعض الصراعات الداخلية نحو المجال الخارجى، وأن هناك ميلاً من قبل بعض القوى الخارجية للتدخل فى الصراعات الداخلية لدول معينة، فى حين تؤدى الصراعات الخارجية إلى تفاقم بعض المشكلات الداخلية، والعكس صحيح. وعلى المستوى الخاص يلقى التنافس الدولى حول الثروات النفطية ظلالاً على بعض الصراعات الداخلية فى دول معينة، حيث ترى القوى الكبرى أن تخفيف حدة هذه الصراعات أو إخمادها يزيد من فرصها فى الحصول على الكميات التى تريدها من النفط والغاز الطبيعى، ويحمى هذه الثروة من مخاطر التعرض لآثار سلبية جراء تفاقم تلك الصراعات. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب ووسائط نقل الطاقة 22 الإرهاب ووسائط نقل الطاقة 22



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 01:26 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon