توقيت القاهرة المحلي 05:29:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ظاهرة عالمية: زمن الشعبوية وبيع الأوهام

  مصر اليوم -

ظاهرة عالمية زمن الشعبوية وبيع الأوهام

بقلم : عماد الدين أديب

رأىُ الناس مهم للغاية لكنه كثيراً ما يخطئ فى الحكم على البشر والقرارات والإنجازات.

مثلاً 94 شخصية من قائمة أهم مائة شخصية فى التاريخ المعاصر، قيل عنهم إنهم شخصيات فاشلة، فاقدة للموهبة، ضعيفة الشخصية، مهدومة الذكاء.

أعظم رسامى عصره «فنسنت فان جوخ» وصفه النقاد بأنه «رجل أحمق عديم الموهبة»، وكتب عنه أحدهم: «إن لوحات فان جوخ مثل خطوط خرقاء تم رسمها بواسطة أرجل دجاجة عمياء».

وانتهى الأمر بفان جوخ نهاية تراجيدية حزناً واكتئاباً رغم أنه رسم 80 لوحة فى آخر 75 يوماً من حياته.

وصفوا إينشتين فى صباه «بأنه تلميذ بليد معدوم الذكاء يصعب عليه معرفة جدول ضرب الأرقام».

قالوا عن الموسيقى الروسى المبدع تشايكوفسكى إنه يفتقر إلى أساسيات تقنيات الموسيقى، وإن رائعته «بحيرة البجع» هى عمل مغمور.

وتوقف النقاد أمام شذوذ الرجل ولم يعطوا إبداعاته حقها.

ووصفوا «نشيد الفرح الإنسانى» الذى يعد واحداً من أهم الألحان والأعمال الموسيقية فى علم الهارمونى الموسيقى بأنه عمل بلا شخصية.

واعتبروا تشرشل عجوزاً سكيراً، وغاندى سلبياً أحمق، وأيزنهاور جنرالاً مغامراً، ومانديلا أيديولوجياً متحجرا، وديجول عنيداً متكبراً، ونابليون بونابرت نرجسياً لديه عقدة المرأة، وجورباتشوف ساذجاً أضاع فكر ماركس واجتهادات لينين.

هل هذا يعنى ألا يكترث الإنسان بحكم وردود فعل الرأى العام والتاريخ؟

أحياناً يصدر من الناس أحكام زمنية وقتية متسرعة سواء بالإعجاب الشديد أو بالرفض والمعارضة ثم تأتى الأيام لتثبت خطأ أحكام الرأى العام على الأمور.

أكبر أزمات الرأى العام، فى المجتمعات غير الناضجة فى النشأة والتعليم والوعى العام، والثقافة الوطنية، أنها «انفعالية سطحية شعبوية تعشق من يدغدغ مشاعرها وتكره من يصدمها بالحقائق المؤلمة».

خبراء علوم الاتصال الجماهيرى فى الولايات المتحدة دائماً ينصحون الساسة: «أعط الناس ما يريدون، كن مثل الطاهى الناجح اطهُ لهم ما يحبون بالطريقة التى يفضلونها بصرف النظر عما إذا كانت مضرة لصحتهم أو تسبب لهم تسمماً غذائياً».

الرأى العام هو «عجينة مخبوزات» يمكن تشكيلها بسهولة ثم طهوها بالطريقة التى يريدها الناس.

أفضل تعريفات ماهية الرأى العام هو أنه «حكم عقلى يصدر من جمهور من الناس يشتركون بالشعور بالانتماء ويرتبطون بمصالح مشتركة إزاء موقف من المواقف أو تصرف من التصرفات أو مسألة من المسائل التى يثار حولها الجدل بعد مناقشة عقلية».

وتعامل الساسة مع الرأى العام ينقسم إلى 3 طرق:

1- الأولى: التصرف فى كل شاردة وواردة من منظور إعطاء الأولوية لحكم الناس عليها بمعنى الأهم شعبوياً أن ترضى غرائز الناس بصرف النظر إن كان ذلك فى صالحهم العام أم لا.

2- الثانية: التجاهل الكامل لرأى الناس من منطلق «أنا أدرى بشئونكم ومن لا يعجبه ما أفعل فليذهب إلى الجحيم».

الثالث: أن تتخذ ما تراه مناسباً مع مراعاة اتجاهات الرأى العام تجاه ما تفعل من خلال وسائل رصد وقياس للسياسات والقرارات من مصادر علمية محايدة موضوعية.

الأزمة أننا نعيش الآن فى عصر تسيطر عليه الأفكار الشعبوية والسياسات العنصرية الانعزالية والزعامات التى تغدق على الرأى العام شعارات تدغدغ المشاعر لاستمالة غرائزهم وعواطفهم بصرف النظر عن خدمة مصالحهم الحقيقية.

لذلك كله، يصف علماء الاجتماع السياسى هذه الحقبة التى نحياها بأنها أصعب حقبة سياسية يمكن للحاكم أن يتخذ فيها قرارات مصيرية سليمة بعيدة عن الأهواء أو بيع الأوهام بهدف استمالة الرأى العام للحصول على رضائه السريع والمباشر.

إنه زمن شديد الصعوبة يسعى فيه بعض الحكام للشعبوية ويسعى فيه الرأى العام إلى ابتلاع الأوهام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظاهرة عالمية زمن الشعبوية وبيع الأوهام ظاهرة عالمية زمن الشعبوية وبيع الأوهام



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon