توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإصلاح أم «التسقيع»؟!

  مصر اليوم -

الإصلاح أم «التسقيع»

بقلم - محمود مسلم

غضب الناس من رفع الدعم عن المحروقات، رغم أن الحكومة تفادت كل الإجراءات الشكلية التى وقعت فيها المرات السابقة، وأحسنت عملية الإخراج، فزادت المرتبات والمعاشات قبل قرارات رفع الدعم، وراعت التوقيت فتجنّبت إصداره قبل شهر رمضان المعظم، أو قبل عيد الفطر المبارك، ونفذت الزيادة ثانى أيام العيد، بعد أن سافر مَن سافر وعاد مَن عاد، كما لا يمكن لأحد أن يتحجج بأن رفع الدعم قد جاء دون مقدمات، أو مفاجأة، حيث إن الجميع منذ أكثر من شهر يتوقع الزيادة وينتظرها، بمعنى آخر فإن الحكومة أحسنت إخراج هذه العملية، وتفادت كل الانتقادات الشكلية التى كان البعض يوجّهها لها فى المرات السابقة، بل والأهم فإن الإجراءات الحكومية الخاصة بالسيطرة على مواقف السيارات كانت سريعة ومنظَّمة، ومع ذلك فإن غضب الناس كان حاداً، لأن المشكلة ببساطة أنه لا أحد يريد أى زيادة على مصروفاته مهما كان دخله، وبدأت موجة أخرى من أسئلة الجدل غير المفيد، مثل: لماذا يتحمل هذا الجيل وحده ضريبة عملية الإصلاح الاقتصادى؟ أو لماذا لم تستمر الأسعار كما هى؟ بالإضافة إلى اقتراحات من عينة أن القضاء على الفساد كفيل بضبط ميزانية الدولة، أو ضرورة تطبيق الضرائب التصاعدية، أو تحميل الأغنياء ضريبة الإصلاح.

كان بإمكان الرئيس السيسى أن «يسقّع» الملفات، ويقضى السنوات الثمانى يتحدث عن المخاطر، وهى كثيرة، أو المؤامرات الموجودة بالفعل، ويكتفى بتحقيق الأمن، وبمواجهة تنظيم الإخوان، ويحافظ على شعبيته التى اكتسبها من دوره فى حماية ثورة الشعب ونزاهته وإخلاصه، لكنه قرر «تحدى التحدى»، كما وصفته المرحومة الإعلامية صفاء حجازى، ولأنه مخلص فقد تجاوز أزمات عديدة، لأن الشعب يعلم أن الرجل لا يحقق أى مصالح شخصية من منصبه أو قراراته، وأنه لا ينحاز إلّا للدولة المصرية، وليس له «شلة» من رجال الأعمال أو غيرهم، بل الواقع يقول: إن المستثمرين يدفعون كثيراً مع هذا النظام، كما أن مواجهة الفساد تسير بشكل فاعل ومؤثر، وهناك إرادة سياسية لاقتلاعه، وأعتقد أن خزينة الدولة استردت كثيراً من المبالغ والأراضى المنهوبة، وحمت أصولاً وأموالاً أخرى من النهب.

أما مَن يتحدثون عن تأجيل الإصلاح، فالكل يعلم أنه لا يوجد نظام يريد -أو يهدف إلى- زيادة الأسعار، لكن ميزانية الدولة لم تعُد تتحمل أكثر من ذلك، فى ظل سنوات صعبة أرهقتها، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011، وأنه لم يعُد هناك بديل مطروح، سواء الحصول على إعانات من دول الخليج، وهو أمر لن يتناسب مع ظروف هذه الدول الاقتصادية حالياً، ولا مع استقلال القرار الوطنى المصرى، فأى مطالبات بمنح جديدة ستقابلها بالطبع اقتراحات بدخول الجيش المصرى فى حرب اليمن، أو الدخول عسكرياً فى سوريا.

يعلم الجميع أن الرئيس السادات كان يسعى إلى تحرير الدعم، لكنه قوبل بمظاهرات حاشدة وغاضبة، جعلت الرئيس «مبارك» بعدها يخشى تكرار السيناريو، وإن كان نظامه كثيراً ما تحدث عن ضرورة تحرير الدعم، وكانوا يخططون ويتمنون ذلك، لكن الظروف لم تساعدهم، أما الرئيس السيسى فلم يعد يملك رفاهية الانتظار، وظروفه كانت أفضل: التفاف شعبى كبير.. وعى متزايد لدى المصريين.. الظروف المحيطة فى البلاد المجاورة.. شجاعة وجراءة فى اتخاذ القرار.

عملية الإصلاح الاقتصادى لم تنتهِ بعد، رغم آلامها وصعوبتها، وبالتالى يجب على الرئيس إلزام الحكومة بحل 3 مشكلات أساسية من أجل تخفيف العبء على المواطن، وتحديد جدول زمنى لإنهائها، هى: الأولى دمج الاقتصاد غير الرسمى من أجل الاستفادة من الضرائب والرسوم، والثانية تحديد أعداد وأسماء المواطنين الذين يحتاجون إلى دعم نقدى لإيقاف عملية المتاجرة بالفقراء، والثالثة تطوير آليات الرقابة على الأسواق لوقف عمليات الجشع والسمسرة التى يدفع ثمنها البسطاء.

أستغرب أن مَن ينتقدون عملية الإصلاح الاقتصادى وتحرير الدعم هم أنفسهم الذين ينتقدون عدم التطوير الشامل فى مجالَى التعليم والصحة.. والجميع يعلم ميزانية الدولة، وبالتالى ليس هناك مجال لتطويرها وتنميتها سوى بتحرير الدعم وترشيده، للإنفاق على المشروعات القومية والتعليم والصحة، وإلا ستظل مصر كما هى «محلك سر».. ويعود الناس مرة أخرى يتحدثون عن الجهل الذى انتشر، والأمراض التى أكلت أجساد المصريين.. يجب أن نحدد خيارنا.. أما الحصول على كل شىء فيحتاج إلى معجزات!

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح أم «التسقيع» الإصلاح أم «التسقيع»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt