توقيت القاهرة المحلي 18:20:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طوق النجاة الأخير!

  مصر اليوم -

طوق النجاة الأخير

سليمان جودة

إذا كان الدكتور مرسى قد دعا القوى السياسية إلى ما سماه «حوار وطنى» فهى دعوة ممتازة من حيث شكلها، ومطلوبة بقوة من حيث توقيتها، ولا بديل عنها من حيث ظروفنا، ليبقى مضمونها بعد ذلك هو المشكلة الحقيقية، ويكاد يكون هو الكارثة!.. لماذا؟! لأن توجيه دعوة على هذا المستوى، من جانب الرئاسة ذاتها، دون تحديد أجندتها بوضوح مسبقاً، يفرغها تماماً من محتواها الذى نأمله، ويجعلها فى غاية المطاف مجرد دعوة إلى فنجان شاى، نتكلم ونحن نشربه كمدعوين، ثم يذهب كل واحد منا بعدها إلى حال سبيله، دون أدنى عائد على الجميع، لا لشىء إلا لأننا لم نتفق منذ البدء على ما سوف نتكلم فيه تحديداً، ثم على ما يجب أن نصل فيه إلى حلول عملية فى حياة الناس! تصوَّر أنت، واحداً يدعوك إلى حوار معه دون تحديد لأى شىء بينكما مقدماً.. هل تتخيل ـ والحال هكذا ـ أن حواراً كهذا يمكن أن ينتهى إلى أى شىء مفيد لكما؟! هذا بالضبط ما يجب على الرئيس مرسى أن يستدركه بسرعة، وإلا فإن المدعوين من «جبهة الإنقاذ» مثلاً يمكن أن يذهبوا إلى الحوار ليفاجأوا بأن الرئيس يدعوهم إلى فسحة فى القناطر الخيرية، ليتفرجوا على استراحة الرئاسة هناك! أرجو ألا تعتبرنى مبالغاً، لأنى لا أقول ذلك من فراغ، وإنما أقوله لأن الدعوة إلى حوار بلا برنامج محدد ومسبق للحوار تعد نوعاً من الهزل.. لا أكثر! وبما أن الدعوة الموجهة من الرئيس بلا أجندة، وبما أنها فى الهواء الطلق، وبما أنها لو سارت هكذا سوف تنتهى إلى لا شىء كسابقاتها، فإننى أسمح لنفسى بأن أطرح ثلاث نقاط رئيسية، أرى أنها يمكن أن تكون أساساً لحوار يصل إلى نتيجة حولها.. أما الأولى فهى وقف العمل بالدستور الحالى، والعمل بدستور 1971 المعدَّل فى مارس 2011، فلانزال نذكر جميعاً أن ثمانى مواد منه كانت قد تعدلت بعد ثورة 25 يناير بشهرين، وأنه بعد تعديل مواده تلك أصبح معقولاً، بحيث يمكن الاعتماد عليه كدستور مؤقت للبلاد، إلى أن يوضع دستور دائم لها، يليق بها وتليق هى به. وأما الثانية، فهى تشكيل حكومة إنقاذ حقيقية، لا حكومة ائتلافات حزبية، بحيث تخرج على المصريين وقد ضمت فى داخلها من أول رئيسها مروراً بعناصرها الوزراء، أكفأ القيادات والعقول فى البلد، وبما يجعلها كحكومة قادرة حقاً على انتشالنا مما نتدحرج إليه! وأما ثالثة النقاط، فهى تحصين وزراء حكومة الإنقاذ هذه مؤقتاً حتى يمكن أن يعمل وزراؤها فى أجواء مناسبة، لأن لنا أن نتخيل ما إذا كان وزير الزراعة الحالى ـ على سبيل المثال ـ يستطيع أن يعمل بشكل طبيعى إذا كان يجلس على كرسيه، بينما ثلاثة وزراء جلسوا قبله، على الكرسى نفسه، فى السجن الآن!.. نعم.. ثلاثة وزراء زراعة خلف القضبان، فكيف بالله عليكم تتصورون أن رابعهم الموجود فى مقر الوزارة يمكن أن يضع توقيعه على ورقة واحدة، فضلاً عن أن يُصدر قرارات كبيرة، ويحل مشاكل معقدة، ويقطع بالرأى فى أمور عظيمة.. كيف؟! وربما تكون هذه النقاط الثلاث، التى أطرحها، قريبة مما كانت «جبهة الإنقاذ» قد طالبت به فى بيانها الصادر ظهر السبت الماضى، وهو بيان أظن أنه أثلج صدور كثيرين، وأراح قلوب مصريين قلقين على بلدهم، ويتطلعون إلى الجبهة بوصفها طوق النجاة الأخير، وهو ما يجعلنى أناشدها، من أعماقى، أن تحافظ على تماسكها، وأن تتمسك بوحدة رأيها، وأن تفوت الفرصة على كل مَنْ يحاول شق صفها، بمثل ما حاول الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، حين دعا اثنين من قياداتها إلى حوار وتجاهل الباقين، رغم أنها كجبهة تضم ما لا يقل عن عشر قيادات كبيرة ومعتبرة ومحترمة. رهان مصريين كثيرين، فى الخروج من هذا الواقع المؤلم، يظل على جبهة الإنقاذ، وهى لا تملك ترف التخلى عن هذا الرهان! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طوق النجاة الأخير طوق النجاة الأخير



GMT 18:15 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

كلوب عن صلاح عندما تألق

GMT 16:00 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة

GMT 15:58 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

روح نيفين مسعد (الفرفوشة)

GMT 10:48 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أوطان تذوب ودول تُمحى

GMT 10:47 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

شبح العودة من الحرب

GMT 10:46 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

الحوثي... و«هارفارد» و«حماس»

GMT 10:44 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

تعزيز الدبلوماسية العامة في عالمنا اليوم

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 01:23 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

فيرستابن يحسم سباق كندا ويعزز صدارته للفورمولا 1

GMT 08:47 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"Calvin Klein" أبرز الدور التي طرحت حذاء "الكاو بوي" المميّز

GMT 09:14 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الثور

GMT 13:19 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

مراقبين من المسابقات لمباراة القمة بين الأهلي والزمالك

GMT 10:15 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رفع فيلم "أخضر يابس" من دور العرض السينمائية بعد أسبوعين عرض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon