بقلم-سليمان جودة
نشاط تركيا فى كل مكان تذهب إليه مصر، نشاط لافت جداً، ومثير للانتباه، ولا تكاد القاهرة تتواجد فى موقع فى المنطقة حولها إلا ونكتشف أن أنقرة تقفز فى اتجاه ذات الموقع فى هِمّة ظاهرة، دون أن تستتر أو تُخفى خطواتها بعيداً عن العيون!.
حدث هذا فى منطقة شرق البحر المتوسط، ولايزال يحدث، ثم لانزال نسمع يوماً بعد يوم عن تحرشات تركية واضحة مع قبرص اليونانية مرة، ومع اليونان ذاتها مرةً ثانية.. والدولتان تمثلان طرفاً أصيلاً معنا فى ملف الطاقة فى المتوسط بالذات!.
وفى قمة باليرمو الإيطالية الأخيرة حول ليبيا، أرسلت تركيا فؤاد أوقطاى، نائب الرئيس التركى، على رأس وفد للحضور والمشاركة، مع أن الشأن الليبى لم يكن يمثل هماً تركياً فى أى وقت، اللهم إلا إذا كان تمكين الإسلاميين فى العاصمة طرابلس هو الهاجس الذى لا يفارق الرئيس أردوغان، منذ أن عرفنا ما لايزال يتسمى الربيع العربى إلى هذه اللحظة!.
ولن ينسى أردوغان أن الرئيس السيسى ربط حضوره فى قمة مصغرة انعقدت على هامش مؤتمر باليرمو بعدم حضور الوفد التركى معه على مائدة واحدة، وهذا ما حدث فعلاً، فانسحب وفد تركيا من المؤتمر رغم أنفه محتجاً، وكان المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبى، قد شارك الرئيس نفس الموقف، فلم يحضر القمة إلا بعد أن خلت القاعة تماماً من وفد أردوغان!.
وفى يوم الثلاثاء ٢٠ نوفمبر، كان أوقطاى فى السودان، وكان يجتمع مع رئيس الحكومة فى الخرطوم، وكان يعلن عن تعاون غير مسبوق مع الحكومة السودانية فى مجالات الدفاع، والأمن، والثروة الحيوانية، والثقافة، والنفط، والمعادن، والكهرباء، والنقل الجوى، والتعليم، والصحة، والمطارات!!.. ثم كان يعلن أن التبادل التجارى بين البلدين إذا كان فى حدود ٥٠٠ مليون دولار هذه الأيام، فإن مجالات التعاون هذه سوف تجعله عشرة مليارات دولار خلال خمس سنوات!.
وقد جاءت زيارة أوقطاى وكأنها اللائحة التنفيذية لزيارة أخرى أكبر، كان أردوغان قد قام بها إلى السودان أيضاً، فى مثل هذا الموعد من العام الماضى، وكان قد اصطحب معه ٢٠٠ من رجال الأعمال الأتراك، وكان قد زار جزيرة سواكن السودانية على البحر الأحمر، وكان قد أعلن منها أن حكومة الرئيس عمر البشير قد أعطته الجزيرة يعيد إحياءها على ما كانت عليه من قبل!.
أردوغان يحاول نسيان ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ولكنه لا يستطيع!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع