توقيت القاهرة المحلي 07:06:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مع الغرب (إيد واحدة)

  مصر اليوم -

مع الغرب إيد واحدة

فهمي هويدي

لست متأكدا من صحة الخبر الذى نشر عن اجتماع سرى عقده فى عمان رؤساء الأركان العرب مع نظرائهم الغربيين لمناقشة الضربة العسكرية المفترضة الموجهة إلى سوريا. إذ باستثناء ما ذكرته بعض الصحف اللبنانية فإننى لم أجد الخبر فى مصادر الأخبار الأخرى التى أتابعها. بالتالى فغاية ما يمكن أن أقوله إنه ليس مستبعدا لأسباب يعلمها الجميع أهمها أننا منذ وقعنا فى فخ «الاعتدال» المعروف فى السياسة العربية فإن حكوماتنا صارت والدول الغربية «يدا واحدة». إذا استخدمنا المصطلح الشائع فى أدبيات زماننا. رغم أنه ليس بوسعنا أن نتأكد من دقة الخبر، إلا أن أهم ما يحسب له أنه ذكرنا بأن فى العالم العربى رؤساء للأركان، الأمر الذى يستدعى ملفا ملغوما مسكوتا عليه. يثير أسئلة عديدة عن حقيقة دورهم وعلاقاتهم بنظرائهم الغربيين، وما تقوم به الجيوش التى تقودونها فى الدفاع عن أوطانهم وعن الأمة العربية التى ينتمون إليها. والكلام فى هذه الحالة لا ينصب على شخوصهم وجيوشهم التى لها تقديرها وينبغى أن تحظى بما تستحقه من احترام. وإنما يتعلق بسياسات الدول التى ينتمون إليها والتى تحدد الأدوار ومجالات الحركة والاستراتيجية التى تعمل فى إطارها. من هذه الزاوية لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن أمن الأقطار العربية بل أمن الأمة العربية ما عاد موكولا إلى الجيوش العربية، وإنما صارت تتولاه الدول الغربية، وفى المقدمة منها الولايات المتحدة وفرنسا وانجلترا، التى باتت تؤدى دور «الكفيل» للدول العربية. ومنذ أعلن الرئيس الراحل أنور السادات أن حرب أكتوبر (قبل أربعين عاما) هى آخر الحروب، فقد بدا ذلك إعلانا عن إجراء تعديل جذرى فى العقيدة العسكرية، اتجهت فيه الأنظار إلى الداخل بأكثر مما انشغلت بالخارج. وأنا هنا أفرق بين الاحتشاد وبين الاهتمام. والاحتشاد موجه نحو هدف وطرف، أما الاهتمام فهو يركز على القدرات الذاتية والأنشطة غير العسكرية، وذلك أوضح ما يكون فى الدول العربية النفطية التى توجه اهتماما واضحا لإنفاقها العسكرى فتشترى أحدث الطائرات والمدرعات وتقتنى أفضل الخبراء، لكنها تفعل ذلك لمجرد تعزيز القدرة العسكرية (إن شئت فقل إنه لأجل الوجاهة العسكرية) فى حين أنها تعتمد فى أمنها وحماية حدودها على القواعد العسكرية الأجنبية والعطاء الغربى. حين خرجت مصر من الصف العربى بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وبعدما أطلق السادات شعاراته سواء تلك تحدثت عن آخر الحروب أو أعلنت عن أن 99٪ من أوراق اللعبة فى أيدى الولايات المتحدة الأمريكية، حدث أمران مهمان للغاية، الأول أن مصر انكفأت على ذاتها وأدارت ظهرها للعالم العربى. والثانى أن بعض الدول العربية ــ الخليجية بوجه أخص ــ أدركت أنها أصبحت بلا ظهر ولا غطاء، فاعتمدت على الحماية الغربية. لأن «الكفيل» صار غربيا فلم يعد الأمن القومى العربى محلا لأى اهتمام، الأمر الذى فتح الأبواب واسعة للتغول الإسرائيلى، كما مهد الطريق لمحاولات الفتك بالعالم العربى وتمزيقه (العراق والسودان مثلا ولا تسأل عن فلسطين). من باب الفضول وإنعاش الذاكرة أجريت بحثا حول معاهدة الدفاع العربى التى وقعتها الدول العربية فى عام 1950، ضمن عناوين أخرى عديدة للعمل المشترك، ظلت جميعها ضمن الأحلام المؤجلة إن لم يكن المستحيلة. وحين لاحظت أن العنوان له وجود على الانترنت، فإننى سارعت إلى فتحه لكنى اكتشفت أنه يتحدث عن الدفاع المشترك الالكترونى، وكانت تلك دعوة أطلقها الدكتور موسى إبراهيم أحد أعوان العقيد معمر القذافى فى صيف عام 2011 لحث أنصاره على التصدى للثوار عبر الانترنت. لاحظت أيضا أن الدكتور محمد مرسى أشار فى خطاب تنصيبه فى 30/6/2012 إلى تفعيل منظومة الدفاع العربى، ضمن وعده بتنشيط العمل العربى المشترك. واستوقفنى أن الدكتور محمد البرادعى الذى كان قد تردد أنه بصدد الترشح لرئاسة الجمهورية، قال فى حديث تليفزيونى (أزعج الإسرائيليين) فى 7/4/2012 إنه سيدعو إلى تطبيق اتفاقية الدفاع المشترك فى حال تولى الرئاسة وتعرضت غزة للعدوان. وهو كلام أطلق فى الفضاء ولم يختبر فى الواقع. إلى غير ذلك من الخلفيات التى همشت فكرة الدفاع عن الأمن القومى، وجعلت التركيز على الأمن الداخلى يحظى بالقدر الأكبر من الاهتمام، الأمر الذى أخرج الجيوش العربية من دائرة الضوء. حتى إنه فى أقطار عربية عدة صار حضور نوادى كرة القدم فى الوجدان العام أقوى من حضور القوات المسلحة، وأصبح نجوم الكرة أشهر من رؤساء الأركان الذين باتت أسماؤهم معروفة لدى نظرائهم الغربيين بأكثر منها عند الجماهير العربية. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الغرب إيد واحدة مع الغرب إيد واحدة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 01:26 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon