توقيت القاهرة المحلي 13:17:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا بعد اعتراف السعودية؟

  مصر اليوم -

ماذا بعد اعتراف السعودية

بقلم - مكرم محمد أحمد

حسناً أن غادرت الدولة السعودية دائرة الإنكار التام لتعلن فى بيان رسمى أن الصحفى السعودى جمال خاشقجى قُتل داخل القنصلية السعودية فى إسطنبول، خلال مشادة تطورت إلى عراك وقتال بينه وبين مجموعة من المواطنين السعوديين داخل القنصلية، بما يؤكد رغبة السعودية فى كشف غموض الحادث وتقديم المتورطين إلى العدالة، وبصرف النظر عن الخلافات بين الرواية السعودية وبين ما سربه المسئولون الأتراك عن قصة قتل خاشقجى فإن اعتراف السعودية الأخير بأن التحقيقات التى يجريها المدعى العام السعودى أثبتت مسئولية 18 شخصاً سعودياً، بينهم الجنرال مسعود القحطاني مستشار ولى العهد محمد بن سلمان، ونائب مدير المخابرات السعودية الجنرال أحمد العسيرى الذى شارك سابقاً فى حملة اليمن تؤكد شفافية التحقيق، وقد كان الاثنان ضمن فريق عمل وصل جواً إلى إسطنبول على متن طائرتين يوم 2 أكتوبر الماضى، وأمضوا داخل القنصلية السعودية يوماً كاملاً، وهو نفس اليوم الذى دخل فيه جمال خاشقجى قنصلية بلاده فى إسطنبول لإنجاز معاملة تتعلق بزواجه، وأن فريق العمل غادر إسطنبول إلى الرياض فى اليوم التالى، فضلاً عن تأكيدات الحكومة السعودية بأنها طردت من الخدمة خمسة من كبار المسئولين الذين يجرى التحقيق معهم، كما أمر الملك سلمان بتشكيل لجنة عليا تراجع شأن المخابرات السعودية فى غضون شهر، وبين المبعدين الجنرال محمد بن صالح الرميثى مساعد مدير المخابرات والجنرال عبدالله بن خليفة مدير القوى البشرية بالمخابرات والجنرال راشد بن حميد مدير الأمن والحماية بالمخابرات بما يؤكد جدية التحقيقات.

وبالرغم من أن المسئولين الأتراك سربوا خبراً يؤكد أن لديهم أدلة بصرية فيديو وأدلة سمعية أوديو تؤكد قتل خاشقجى داخل القنصلية وتقطيع جثمانه، فإن وزير الخارجية التركى نفى أن تكون تركيا سلمت هذه الأدلة إلى وزير الخارجية الأمريكى فى زيارته الأخيرة إلى أنقرة أو إلى أى مسئول أجنبي آخر، مؤكداً أن هذه الوثائق لا تزال فى حوزة الأتراك، وسوف يتقاسمونها لاحقاً مع كل العالم! بما يؤكد أن كثيراً من هذه المعلومات المبتسرة يتم ترويجها لأهداف واضحة، تخلص فى محاولة ابتزاز الموقف السعودى، لكن ثمة أسئلة عديدة يتعلق بعضها بموقف ولى العهد السعودى لا تزال بغير إجابات شافية، بما يجعل القفز إلى نتائج مؤكدة الآن أمراً صعباً، لكن ما من شك أن تعاون الدولة السعودية للكشف عن أبعاد الحادث يكشف عن موقف مسئول يرعى مصالح الدولة السعودية بصرف النظر عن الأشخاص، وقد يكون من الصعوبة بمكان التنبؤ بتطورات قضية خاشقجى وانعكاساتها المحتملة على الدولة السعودية وعلى ولى العهد والعالم العربى على وجه العموم، لكن من المهم ولمصلحة السعودية كدولة ولمصلحة العالم العربى أن تجرى مراجعة شاملة لموقف الحكومات العربية من قضية حرية التعبير التى أصبحت واحدة من حقوق الإنسان يصعب تجاهلها وتتطلب فى الوقت نفسه مراجعة شاملة من جانب الحكومات العربية تحافظ على ضماناتها الأساسية التى تكفل حرية الرأى وحق الاختلاف فى إطار سلمى متى كان واضحاً أنها لن تكون فى خدمة التطرف والعنصرية، تلتزم الحقيقة وصدق الوقائع ولا توظف نفسها فى خدمة العنف أو التطرف، لأن كفالة حرية التعبير فى إطار هذه المبادئ يغنى عن كثير من حالات النفى أو الهجرة الاختيارية إلى الخارج التي كثيراً ما يستثمر فيها الخارج غضب البعض ليجعلهم أكثر شططاً يراعون مصالح أطراف خارجية يهمها تشويه صورة الوطن، وفضلا عن ذلك فإن التسامح مع الرأى الآخر كثيراً ما يكسر عناد الغضب الذى يتصاعد إلى حد التفكير فى تبني العنف أو حمل السلاح، وبالطبع فإن ذلك قد لا يصدق على المجموعات العقائدية مثل جماعات الإخوان التى تحرص على الاستكبار كى تعزز التطرف بدعوى الحفاظ على التنظيم الذى يشكل بالنسبة لجماعة الإخوان قدس الأقداس الذى ينبغى أن يقوم على الطاعة العمياء.

وأظن أن الفهم المتسامح لحق الاختلاف فى إطار الرفض الكامل للجوء إلى العنف يعنى تعزيز فرص الحوار والقبول بحق الآخر فى الوجود بما يعزز إمكانات التنسيق المشترك أو التعايش أو التحالف أو الدمج، وهى خيارات حضارية تختلف تماماً عن هذه المواقف الأحادية التى تحض على الكراهية والعدوان .

لقد آن أوان الاعتراف الكامل بحرية التعبير فى العالم العربى كأحد حقوق الإنسان التى ينبغى احترامها دون الإخلال بمعايير الأخلاق المهنية ومواثيق الشرف وحقوق الآخر لأن حرية التعبير هى الضامن لاستمرار الحوار، وهى الضامن لوحدة الصف ساعة الخطر، بل إن الأمر يتطلب أيضاً حرية تداول المعلومات وحق الإنسان فى المعرفة لأن حرية تداول المعلومات تساعد فى توحيد المواقف وتزيد من روابط المجتمع وكلها ضمانات أساسية لأن يسود المجتمع الحوار بدلاً من الصراع والالتزام بالمصلحة المشتركة بدلاً من التنافر والتناحر والقبول بالآخر بدلاً من الكراهية

نقلا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد اعتراف السعودية ماذا بعد اعتراف السعودية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt