توقيت القاهرة المحلي 20:37:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبيد باليونيفورم

  مصر اليوم -

عبيد باليونيفورم

بقلم:أسامة غريب

فى السنوات التى قضيتها بالكويت اعتدت أن أحلق شعرى عند حلاق لبنانى شاب دكانه ملاصق لبيتى. لفت انتباهى منذ أول مرة دخلت فيها هذا المحل أن الفتى الحلاق بهى الطلعة نظيف الثياب طيب الرائحة، على العكس من آخرين جربتهم ولم أرتح إليهم. وبالدردشة معه عرفت أنه متعلم حتى الثانوية، ومع ذلك فهذا التعليم المتوسط جعله يتحدث الفرنسية والإنجليزية بشكل جيد. أثار الفتى دهشتى التى أخفيتها عندما أخبرنى عن إجازته فى الصيف الماضى التى قضاها فى جبال الألب بالنمسا، كما حدثنى عن رحلته القادمة التى أعد لها لتكون فى إنجلترا. وقد أكد لى ألبوم الصور الذى أرانى إياه أنه لا يفشر ولا يؤلف حواديت عن رحلات مزعومة. ما جعلنى أستغرب هو أن هذا الشاب متغرب فى الكويت ولا يعيش ببلده، والمتغربون كما هو معروف يسعون لجمع المال سنة بعد سنة على أمل أن يحققوا الأحلام بالوطن ذات يوم، لهذا فإنهم لا ينفقون الفلوس على الرحلات والملابس والعطور كما يفعل صاحبنا هذا..

ولو قارنا بين هذا الحلاق وبين غيره من جنسية أخرى الموجودين بنفس الشارع لتبين الفرق الشاسع بينه وبينهم، وقد دفعنى للذهاب إليه والإعراض عنهم أن بعض هؤلاء لا يستحم، وبعضهم رغاى وجاهل، وبعضهم متجهم وقليل الذوق!. هذا الفتى يمثل الشعب اللبنانى بشكل كبير، فهم يعيشون الحياة ولا يؤجلونها مثلما تفعل بقية الجاليات التى تعمل بالخليج. وينقلنى هذا إلى موضوع آخر مشابه يتعلق بالبلدان التى أصبحتُ أكرر زيارتها كلما أردت أن أسافر للنزهة والترويح عن النفس. إنها البلدان التى يستطيع فيها الجرسون أو النادل فى القهوة أو المطعم عمل رحلة لنفسه أو بصحبة فتاته فى إجازته السنوية، أى أنه يستطيع أن يكون نزيلا فى فندق وزبونا على الشاطئ وعضوا فى الفوج السياحى وليس فقط خادما للنزلاء السعداء من خلال وظيفته. لم أعد أستطيع الاستمتاع فى بلد يتأنق فيه الجرسون ويلبس البابيون الأسود أمام الزبائن ثم يعود آخر اليوم منهكا محطما إلى عشة صفيح يسكنها مع كوم من الأهل والأقارب.. وهذا هو حال العمالة التى نصادفها فى الفنادق والمطاعم والتاكسيات والمحلات فى البلاد الفقيرة البائسة. هؤلاء يرتدون اليونيفورم ويبدو منظرهم من بعيد مقبولا، لكن إذا اقترب الواحد منهم تكتشف أنه لا يستحم ولا يغسل أسنانه، وهذا يجعلك تشك فى نظافة السرير والدولاب وطبق الطعام وأدوات المائدة رغم لمعانها الظاهرى!. حالة الفقر ومحاولة مداراته الشكلية بالفرمانات التى يفرضها المديرون لا تجعلك مرتاحا لحالة النظافة ولا مطمئنا لأمنك وسلامتك الشخصية وسط هؤلاء. هذه بلاد لا تستحق الزيارة حتى لو كانت تقدم بورتريهات حياتية فولكلورية تسعد بعض الأجانب فيقومون بتصويرها للذكرى. البلاد التى تسعد النفس هى تلك التى يقوم البواب والسائق والحلاق والترزى فيها بزيارة مكاتب السياحة للبحث عن رحلات خارجية ممتعة ورخيصة باعتبارهم بنى آدمين وليسوا عبيدا يرتدون (يونيفورم)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبيد باليونيفورم عبيد باليونيفورم



GMT 06:36 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

الهوس بالمرأة

GMT 06:30 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

لطمة كبرى!

GMT 06:28 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

فلتبدأ الوزيرة فؤاد

GMT 06:25 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

نبوءةُ الرجل المثقف!

سلمى أبو ضيف تطل كالعروس على السجادة الحمراء في "كان"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:59 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

نصائح لتزيين المنزل بالنباتات الصناعية
  مصر اليوم - نصائح لتزيين المنزل بالنباتات الصناعية
  مصر اليوم - أول تعليق من حماس على إعلان فلسطين دولة مستقلة

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

وقت ممارسة الرياضة مهم لفقدان الوزن
  مصر اليوم - وقت ممارسة الرياضة مهم لفقدان الوزن

GMT 06:15 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

نيكي هايلي تخرج عن صمتها وتعطي صوتها لترامب
  مصر اليوم - نيكي هايلي تخرج عن صمتها وتعطي صوتها لترامب

GMT 11:06 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

البرلمان.. يُمثل من؟!

GMT 10:37 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

تعرف على من هو أحمد مناع أمين مجلس النواب 2021

GMT 09:30 2021 الخميس ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تبون يأمر بإعادة إطلاق مشروع فيلم "الأمير عبد القادر"

GMT 20:34 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 21:44 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تكشف للمرة الأولى عن وجه ابنتها

GMT 20:35 2018 الجمعة ,16 شباط / فبراير

زلاتان إبراهيموفيتش يسخر من أليكسيس سانشيز

GMT 14:31 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وائل جمعة يعلن ترتيبات سفر منتخب مصر إلى ليبيا

GMT 14:53 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

أبرزها الحمل والجوزاء الأبراج الأكثر عرضة للطلاق

GMT 15:39 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

السعودية تستضيف نهائي دوري أبطال أسيا 2021
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon